أظهر التقرير الصادر عن لجنة تقصي الحقائق في «نزاع غزة» وجود أدلة على ارتكاب الجيش الإسرائيلي جرائم حرب وربما جرائم بحقّ الإنسانية، مطالباً بتحويل الملف إلى مجلس الأمن لاتخاذ التدابير اللازمة
نيويورك ـ نزار عبود
عرض رئيس لجنة تقصي الحقائق في «نزاع غزة»، القاضي ريتشارد غولدستون، نتائج تحقيقه في نيويورك متهماً إسرائيل بارتكاب جرائم حرب وجرائم بحقّ الإنسانية وانتهاك معاهدة جنيف الرابعة. كذلك اتهم التنظيمات الفلسطينية في غزة بارتكاب جرائم مماثلة بحجة القصف العشوائي للأهداف المدنية وبارتكاب محاكمات تعسفية بين الفصائل المختلفة من «سلطة الأمر الواقع».
هذا التحقيق، الذي جرى بين أيار ونهاية تموز من العام الحالي، شارك فيه محققون من مختلف القارات. وكان القسم الأكبر من التقرير النهائي المؤلف من 540 صفحة مخصصاً للانتهاكات الإسرائيلية التي شملت القصف المتعمد للأهداف المدنية واستخدام أسلحة تُلحق أذىً كبيراً بالمدنيين «لكنها غير محرّمة دولياً» حسب قوله، كالفوسفور الأبيض والقنابل الانشطارية وغيرها، واستخدام الدروع البشرية، ورفض التعاون مع لجنة التحقيق بأي صورة من الصور، فضلاً عن الحصار الطويل الذي يوصف بأنه جريمة حرب في حد ذاته، وتدمير البنى الأساسية والقطاعات الاقتصادية المختلفة والبيوت.
وأوصى رئيس اللجنة، في تقريره الذي سيقدمه إلى مجلس حقوق الإنسان في 29 من أيلول الحالي، بأن يرفع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، التقرير إلى مجلس الأمن الدولي تحت المادة 99 من ميثاق المنظمة الدولية لاتخاذ ما يلزم، ولكي يحيل المجلس التقرير إلى الجمعية العامة. وطلب من مجلس الأمن أن يوصي إسرائيل تحت المادة 40 من الميثاق باتخاذ الخطوات المناسبة خلال 3 أشهر لإجراء تحقيق مناسب بموجب القوانين الدولية، وأن تبلغ المجلس خلال 3 أشهر أخرى بما اتخذ. كذلك طلب من المجلس نفسه أن يوصي بتأليف لجنة دولية من الخبراء المختصين في القوانين الدولية والإنسانية لمراقبة التقرير والإجراءات القانونية لمراجعة الوضع واتخاذ خطوات ضرورية في حال غياب الثقة واللجوء إلى الفصل السابع من الميثاق في إحالة الأمور إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بشأن غزة.
كذلك طالب بتحقيقات مماثلة في قطاع غزة. وحثّ المدعي العام للمحكمة على النظر في الاتهامات الفلسطينية بأسرع ما يمكن. وأوصى مجلس حقوق الإنسان بأن يرفع التقرير إلى المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولي في أقرب وقت ممكن. وأوصى أيضاً بأن تطلب الجمعية العامة من مجلس الأمن إحالة تقارير منتظمة إليها عن سير التحقيقات وإجراءات المحاسبة، وبإنشاء صندوق للتعويض الكافي على الفلسطينيين المتضررين وأن تدفع إسرائيل التعويضات المستحقة للصندوق. كذلك طلب من حكومة سويسرا عقد مؤتمر للدول الأعضاء في معاهدة جنيف 1949 لبحث الإجراءات اللازمة لفرض تطبيق المعاهدة.
وأوصت اللجنة أيضاً برفع الحصار الفوري عن قطاع غزة، بما في ذلك المضايقات المهينة على المعابر. وتوقعت من المسلحين الفلسطينيين احترام القانون الدولي والإفراج عن الأسير الإسرائيلي والأسرى الفلسطينيين المحتجزين لأسباب سياسية، والتحقيق المستقل في الانتهاكات لحقوق الإنسان داخل القطاع، والإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين من التنظيمات.
وطالب الدول الموقعة على معاهدة جنيف الرابعة ببدء تحقيقات جنائية في محاكمها باستخدام الصلاحيات الدولية لمحاسبة مرتكبي الجرائم في النزاع. وطالب أيضاً اللجنة الرباعية باشتراط احترام شريعة القانون، وإنشاء نظام لمراقبة البيئة تحت رعاية الأمم المتحدة.
وأوضح غولدستون أن اللجنة استعانت في تحقيقاتها بشهادات مباشرة واستعانت بأشرطة وثائقية وصور بالأقمار الاصطناعية. وبعد منع إسرائيل لها من زيارة المناطق الواقعة تحت سيطرتها المباشرة، استمعت لشهادات مع إسرائيليين عبر الهاتف وفي عمان وجنيف. وقال: «لم يكن على اللجنة أن تخمن أي شيء، فالدلائل قاطعة كما شوهدت على الأرض. هناك سياسات متعمدة وعمليات عسكرية اتبعت عن قصد». وتحدث بالتفصيل عن قصف مسجد إبراهيم المقادمة الذي كان يصلي فيه 700 مدني جمعاً لصلاتي الظهر والعصر، وهو مسجد تاريخي. ونفى أن يكون في المسجد أي مسلحين أو أسلحة لأنه لم تحدث أي تفجيرات بعد القصف الذي راح فيه عدد كبير من الضحايا. وقال إن بإمكان إسرائيل قصف المسجد خارج ساعات الصلاة إذا كانت تقصد تدمير الأسلحة فقط. ولم يعدّ وجود السلاح فيه مبرراً لعملية القصف. وأكد أن البيانات الإسرائيلية لم تشر إلى أي خطأ في التوقيت أو الاستهداف.