اقترحها بيريز وأقرّها أوباما بالتوافق مع مدفيديف و أحد تجلياتها سحب الدرع الصاروخية من أوروباأثار إعلان الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف أن إسرائيل لا تنوي مهاجمة إيران ردود فعل إسرائيلية، أكدت أنها لم تُزل خيار الحرب عن الطاولة. تناقضٌ أزالته صحيفة «معاريف» التي كشفت عن أن تنازل أميركا عن نصب منظومة صواريخ في أوروبا، في مقابل تشديد روسيا العقوبات على إيران، أجبرا إسرائيل على التراجع
مثّل إعلان الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف، في مقابلة مع شبكة «سي إن إن» الإخبارية في منزله في بارفيخا قرب موسكو عُرضت أول من أمس، أن «الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز أبلغه أن الدولة العبرية لا تنوي مهاجمة إيران»، استفزازاً شديداً لإسرائيل، استوجب رداً يؤكد أن الخيارات كلها لا تزال على الطاولة.
في المقابل، كشفت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية عن أن «تنازل الولايات المتحدة عن نصب منظومة صواريخ في أوروبا، والحديث عن تأييد روسي في مقابل فرض عقوبات شديدة على إيران، كانا نتيجة اقتراح عرضه بيريز على الطرفين الأميركي والروسي»، فأجبرت تل أبيب على التعهد بعدم شن حرب على طهران.
وبدا الرئيس الروسي متيقناً إلى أقصى حد من عدم وجود أي نيّة إسرائيلية لضرب إيران، مؤكداً «حين زارني بيريز في سوتشي (جنوب روسيا) في آب الماضي، قال أمراً بالغ الأهمية لنا جميعاً، وهو أن إسرائيل لا تنوي بأي شكل توجيه ضربة إلى إيران، وأنها بلد مسالم لن يقوم بهذا الأمرواتخذ مدفيديف الموقف الإسرائيلي هذا ليفسّر مسألة بيع أسلحة روسية إلى إيران، قائلاً إنه «لا يستبعد احتمال بيع صواريخ دفاعية روسية مضادة للطائرات من طراز أس 300» إلى طهران. وأضاف «لهذا السبب، فإن أي عملية تسليم أسلحة، وخصوصاً الدفاعية منها، لن تفاقم التوتر في الشرق الأوسط، بل ينبغي أن تحتويه».
كلام مدفيديف استفزّ إسرائيل، حيث سارع نائب وزير الخارجية داني أيالون إلى التأكيد أن «الخيار العسكري ضد إيران لوقف برنامجها النووي لا يزال قائماً»، مشيراً إلى أنه «من الواضح أننا لم نُزل الخيار العسكري عن أجندتنا». وأضاف أنه «رغم الاحترام الذي نكنّه له، أعتقد أنه لا مكان للرئيس الروسي للتحدث باسم إسرائيل». بدوره، رأى رئيس أركان الجيش غابي أشكينازي أن «كل الوسائل شرعية للدفاع عن إسرائيل»، مشيراً إلى أن «إمكان حيازة إيران سلاحاً نووياً هو أمر يمثّل تهديداً للعالم كله، وثمة أهمية لأن تسهم المنظومة الدولية كلها في منع ذلك».

باراك يدعو واشنطن إلى تركيز جهودها على معالجة الملف النووي الكوري الشمالي لتأثيره على إيران
الرد الإسرائيلي استوجب بدوره رداً أميركياً؛ فقد نصح مستشار الأمن القومي الأميركي الأسبق زبيغنيو بريجنسكي أوباما بأن «يوضح لإسرائيل أن القوات الأميركية ستهاجم الطائرات الإسرائيلية إذا حاولت مهاجمة إيران». وقال، لموقع «ذا دايلي بيست»، «علينا أن نواجههم. لا أحد يتمنى ذلك، لكنّ الأمر قد يكون انتقاماً لليبرتي»، في إشارة إلى الهجوم الإسرائيلي على حاملة الطائرات الأميركية «ليبرتي» قبالة شبه جزيرة سيناء، في حرب الأيام الستة عام 1967.
وفي ظل التناقض في المواقف بين مدفيديف من جهة، وأيالون وأشكينازي من جهة أخرى، جاء تقرير «معاريف» ليوضح الصورة. كشفت الصحيفة أن «تنازل الولايات المتحدة عن نصب منظومة صواريخ في أوروبا، والحديث عن تأييد روسي في مقابل فرض عقوبات شديدة على إيران، كانا نتيجة اقتراح عرضه بيريز على الطرفين الأميركي والروسي». وأوضحت أن بيريز «طرح قبل أكثر من عام على نظيره الروسي آنذاك، فلاديمير بوتين، والأميركي جورج بوش، اقتراحاً من هذا النوع لم يتحمّس له الأخير. لكنّ الرئيس الإسرائيلي قرر إعادة التجربة مع باراك أوباما، حين كان مرشحاً للرئاسة ووصل لزيارة إسرائيل».
في الفترة الأخيرة، جدّد بيريز طرح الفكرة أمام أوباما، فتسارعت التطورات. كانت الذروة في اللقاء الأخير الذي عقده الرئيس الإسرائيلي مع نظيره الروسي. والنتيجة كانت تأكيد الأخير أن «بيريز تعهد بعدم مهاجمة إسرائيل لإيران».
ولفتت «معاريف» إلى أن «المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تشعر بالرضى عن الصفقة التي تبلورت، إلا أن هذا الشعور يتضاءل على خلفية إعلان بيريز امتناع إسرائيل عن شنّ هجوم على إيران. فالمؤسسة مهتمة بالإيحاء لطهران بأن كل الخيارات تبقى على الطاولة». وأوضحت أنه «رغم كل ذلك، لا تزال الأمور خاضعة للشك حيال إمكان دعم روسيا لتشديد العقوبات على إيران، وخصوصاً أن مدفيديف رأى أن خطوات من هذا النوع أثبتت عدم فعاليتها. كذلك تهرّب من الجواب حين سُئل عما إذا كانت موسكو ستساعد طهران إذا تعرّضت لهجوم، فلفت إلى عدم وجود اتفاقيات دفاعية بين موسكو وطهران، مستدركاً أن هذا لا يعني أننا سنكون غير مكترثين أمام تطور كهذا».
وفي السياق، دعا وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك الإدارة الأميركية إلى «تركيز جهودها على معالجة الملف النووي الكوري الشمالي، نظراً إلى تأثير ذلك على الملف النووي الإيراني». وأضاف، في مقابلة مع صحيفة «نيويورك تايمز»، أن «كوريا الشمالية تطوّر صواريخ بعيدة المدى في الباحة الخلفية للصين وروسيا، من دون أن تتعرض لأي تبعات».
(الأخبار، أ ف ب)