أحيا المغني الكوبي خوانيس حفلاً موسيقياً تاريخياً في العاصمة الكوبية هافانا، لم ينجح في تحقيق هدفه الوحيد القاضي بـ«تشجيع التقارب بين الولايات المتحدة وكوبا، وبين كوبا وأبنائها في ميامي...»
بول الأشقر
استيقظت هافانا بغير العادة. وانطلق الشباب باتجاه ساحة الثورة وهم يرتدون بأكثريتهم اللباس الأبيض. البعض أتى من بعيد ليحضر هذه الحفلة المغايرة. «كونسرت» موسيقي ضخم مع عدد من مشاهير الموسيقى اللاتينية والكوبية. إنها سابقة، وبالتأكيد في هذا المكان، المخصص منذ نصف قرن للاحتفالات الرسمية أو للمناسبات السياسية الكبيرة. وفي الثانية من بعد الظهر امتلأت الساحة وتخطى الحضور عتبة المليون. وجرت الحفلة التي موّلها خوانيس وعدد من أصدقائه قبل وقوع الليل لتوفير الطاقة الكهربائية. لم تبق بقعة إلا احتلها الجمهور.
وعلق أحد الحضور، ويدعى داميان إستيفي، على الحيوية قائلاً: «تحولت الساحة إلى كائن حيّ». بدورها، عبّرت سيدة تدعى روزاريو قدمت برفقة بناتها الثلاث لحضور الحفل عن سعادتها الكبيرة بالحدث، وقالت: «وفر لنا خوانيس حفلة عالمية، هذا الحفل نقطة تحول بين قبل وبعد».
وأحيا خوانيس يرافقه 14 فناناً لاتينياً، من بينهم البانامية أولغا تانيون والإسباني ميغيل بوسي والكوبيان سيلفيو رودريغيز وفرقة شان شان، الحفل على مدى خمس ساعات متتالية طغت خلالها أنغام الساسا، الذي يُعَدّ نغماً مشتركاً بين كوبا وكولومبيا.
وأثارت حفلة خوانيس التي تُعَدّ النسخة الثانية لحفلة «سلام بلا حدود» التي قدمها السنة الماضية في المنطقة الحدودية بين كولومبيا وفنزويلا في أوج التوتر بين البلدين، جدلاً صاخباً في صفوف الجالية الكوبية وردود فعل رسمية لكلٍّ من كوبا وفنزويلا والولايات المتحدة.
وعلى الرغم من أن خوانيس اكتفى بـ«إحياء الحرية والسلام»، ورأى أن «الموسيقى يجب أن تسافر كالهواء الطلق، وأن تصل إلى أي مكان»، لأن «لا فرق كيف نفكر أو ما هو ديننا، وفي النهاية كلنا متساوون»، إلا أن مجموعات متطرفة اتهمته بـ«خيانة كوبا» و«بالاستسلام لشيوعية كاسترو» و«بالإضرار بمصالح الولايات المتحدة». وتعبيراً عن سخطهم من خطوة خوانيس المقيم في ميامي أسوةً بالعديد من المشاهير الأميركيين اللاتنيين، حطّم المئات من الكوبيين في «ليتل هافانا» في ميامي أسطواناته بواسطة محدلة بالتزامن مع لحظة بدء الحفلة في هافانا، التي نقلتها مختلف المحطات في القارة الأميركية.
في المقابل، علقت الحكومة الكوبية على الانتقادات التي تعرض لها خوانيس، مشيرةً إلى أنه «لا أحد يستطيع مقاطعة الحفلة». وأيدها في ذلك عشرات من المعتقلين في الجزيرة الذين شجعوا «مدّ الجسور»، فيما رأى الرئيس الأميركي باراك أوباما أن إحياء الحفلة «لا يُلحق ضرراً بسياسة الولايات المتحدة»، ووصفها الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز بـ«المشهد الرائع».