12 دولة قاطعت كلمته في نيويورك: رئيس عار على بلده ومناسب للقرون الوسطىبدت مقاطعة كلمة محمود أحمدي نجاد في الأمم المتحدة متسرّعة. استبقت وفود 12 دولة حديث الرئيس الإيراني، بالانسحاب، علماً بأنه لم يتضمن أي إشارة إلى المحرقة النازية أو ما يُسمّى تعابير معادية للسامية

دعا الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، في كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة فجر أمس، إلى إصلاح العلاقات السياسية الدولية وإرساء علاقات قائمة على السلام والصداقة.
ورأى نجاد أن «عصر إذلال الشعوب وتنفيذ السياسات المزدوجة والمعايير المتعددة قد ولّى»، مؤكداً أن «المعيار الوحيد في السابق كان مدى تحقيق النتائج التي ترغب فيها بعض الدول، في غياب الحرية والديموقراطية. حتى إن أقبح أساليب الخداع والتهديد كانت تعرّف بأنها ديموقراطية، والدكتاتوريين يعرّفون بأنهم ديموقراطيون».
وأضاف نجاد «لم يعد مقبولاً أن تقطع مجموعة آلاف الكيلومترات لتتدخل عسكرياً في منطقة الشرق الأوسط وتجلب معها القتل والدمار والإرهاب والتخويف». كذلك دعا نجاد إلى إلغاء حق النقض «الفيتو» في مجلس الأمن، و«منح الشعب الفلسطيني حقوقه الكاملة من خلال إجراء استفتاء حر يمهّد للتعايش السلمي بين المسلمين والمسيحيين واليهود، وعدم التدخل في شؤون العراق وأفغانستان ومنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وأميركا اللاتينية وآسيا وأوروبا».
ودعا نجاد إلى إدراج بعض النقاط المهمة على جدول أعمال المنظمة الدولية، «كإصلاح هيكلية الأمم المتحدة، وجعلها أكثر شعبية وغير منحازة ومؤثّرة في العلاقات الدولية، وأهمية إصلاح العلاقات السياسية على الصعيد الدولي، وإقامة علاقات مبنية على السلام والصداقة، ووقف سباق التسلح، ونزع السلاح النووي والكيميائي والبيولوجي، وتمهيد الأرض أمام الجميع للاستخدام السلمي للتقنية المتطورة والسلمية لخدمة البشرية».
ووجّه نجاد نقده إلى إسرائيل، متسائلاً «كيف يمكن بعض الحكومات أن تقدّم دعماً غير مشروط لجرائم المحتلين بحق نساء وأطفال عُزّل؟». وقال «لم يعد مقبولاً أن تهيمن أقلية صغيرة على السياسة والاقتصاد والثقافة في أجزاء كبرى من العالم، من خلال شبكاتها المتشعّبة، وأن تقيم نوعاً جديداً من العبودية وتضرّ بسمعة دول أخرى، بما فيها حتى دول أوروبية والولايات المتحدة، من أجل تحقيق أهدافها العنصرية».
وفي حديث إلى صحيفة «واشنطن بوست» ومجلة «نيوزويك»، أجاب نجاد عن سؤال يتعلق بما إذا كانت إيران تعتزم شراء يورانيوم مخصّب من الولايات المتحدة، قائلاً، في مباحثات جنيف مع الدول الست، مطلع الشهر المقبل، «نحن مستعدون لبحث بعض المواضيع، بما في ذلك رغبتنا في شراء يورانيوم مخصّب بدرجة 20 في المئة لاحتياجاتنا المحلية».
وأضاف «في المقابل، ستعرض إيران حلولاً للتغييرات المطلوبة. وإذا ما كانت سياسات (الرئيس السابق جورج) بوش ستتواصل بلغة جديدة، فلن يكون في إمكاننا التوصّل إلى الكثير، لأن هذه المقاربة عفا عليها الزمن. لن يحدث أي تغيير ما لم تتغيّر هذه السياسات».
وخلال تلبيته لدعوة مجموعة من الطلاب الأميركيين إلى العشاء، أعرب نجاد عن أمله بأن يجري في المستقبل إعداد المقدّمات اللازمة لإجراء زيارات علمية للطلاب الجامعيين الأميركيين إلى إيران، وتطوير العلاقات بين الجامعات الإيرانية والأميركية.
وأثناء خطاب نجاد أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، غادرت وفود 12 بلداً القاعة الكبرى، احتجاجاً على ما سمّوه «معاداة السامية». وكانت هذه الوفود تمثّل كلاً من الولايات المتحدة، فرنسا، الأرجنتين، أوستراليا، بريطانيا، كوستاريكا، الدنمارك، ألمانيا، المجر إيطاليا، نيوزيلندا وكندا. وكانت إسرائيل قد دعت إلى مقاطعة الخطاب، ولم يكن وفدها حاضراً في القاعة حين بدأ الرئيس الإيراني بإلقاء كلمته. وقال سفير إسرائيل لدى واشنطن، مايكل أورن، إن خطاب الرئيس الإيراني هو «عداء كلاسيكي للسامية، وكشف عن الوجه الحقيقي للنظام (الإيراني) لدى من لا تزال لديه شكوك».
من جهته، قال وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، لـ«يديعوت أحرونوت»، إن «الأمر المهم في خطاب نجاد ليس هو أقواله المتوقّعة ضد إسرائيل، بل ردّ فعل العالم الحر الذي نهض مندوبوه وغادروا القاعة». وكان نتنياهو قد طالب الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، بإظهار موقف حازم ضد النظام في إيران على خلفية تطويره برنامجاً نووياً.
بدوره، قال الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز، خلال حديثه أمام طلاب في تل أبيب، إن «نجاد هو زعيم مناسب للقرون الوسطى، وهو زعيم ظلامي ومتجهّم ويدعو إلى القتل، مثلما كان يحدث في فترة محاكم التفتيش».
وقال المتحدث باسم البعثة الأميركية في نيويورك، مارك كورنبلاو، «من المخيّب للأمل أن يختار نجاد مرة جديدة اعتماد خطاب حاقد وهجومي»، فيما ذكر دبلوماسي فرنسي أن خطاب الرئيس الإيراني «غير مقبول».
وفي برلين، قال وزير الخارجية الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، «إن هذا الرئيس عار على بلده، وليس في ذلك شيء أحتاج إلى تصحيحه في هذا الشأن».
(الأخبار، مهر، أ ف ب، أ ب، رويترز)