في أوسع تجربة من نوعها في العالم منذ بدء معركة مكافحته قبل ربع قرن، تمكن باحثون من تحقيق سبق علمي، للمرة الأولى، مع نجاحهم في إنتاج لقاح تجريبي للحد من مخاطر الإصابة بفيروس نقص المناعة المكتسبة «الإيدز». ووفقاً لبيان صادر عن الباحثين، فإن اللقاح الجديد، الذي أشرف على تجربته كل من القسم الخاص بالإيدز في مركز الأمراض المعدية التابع للجيش الأميركي ووزارة الصحة التايلاندية، يقلل مخاطر الإصابة بالمرض بحدود الثلث تقريباً. والتجربة، التي خضع لها 16402 متطوع من الرجال والنساء تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عاماً، لم يكونوا من حاملي الفيروس لدى بدء التجربة ونسبة مخاطر تعرضهم لعدوى الإيدز متوسطة، قسِّموا إلى مجموعتين: الأولى، تلقت عينات من اللقاح الحقيقي الخاضع للتجربة، فيما المجموعة الثانية أعطيت عينات من لقاح وهمي ليتبيّن إصابة 74 منهم بفيروس الإيدز من أصل 8198، بالمقارنة مع إصابة 51 من أصل 8197 شخصاً تلقوا العينة من اللقاح الحقيقي. ويظهر أن نسبة فعالية اللقاح في خفض مخاطر الإصابة بمرض الإيدز بلغت 31.2 في المئة.
ويتألف اللقاح الجديد، الذي بدأت تجربته في تشرين الأول 2003 في مقاطعتين تايلانديتين بالقرب من بانكوك، من مزيج من لقاحي «الفاك» و«ايدزفاكس» اللذين أعدّا سابقاً ولم ينجحا في كبح ضراوة الفيروس. وتم هذه المرة تعديل «الفاك» وراثياً ليحمل ثلاثة نماذج من الجينات الاصطناعية من فيروس الإيدز قبل ضخّها إلى الجهاز العصبي ويتبعها تناول لقاح «ايدزفاكس» لتقوية استجابة الجسم.
ووفقاً للباحثين، تمثل النتائج المحققة «سبقاً في مجال تطوير لقاحات ضد الإيدز، لأنه للمرة الأولى برهنّا على امتلاك لقاح ضد الإيدز بفعالية وقائية». وفي السياق، أوضح العقيد الأميركي، جيروم كيم، خلال مؤتمر صحافي في بانكوك، أن النتائج تمثّل «تقدّماً علمياً على درجة كبيرة من الأهمية، وتعطينا الأمل بإمكان التوصل إلى لقاح فعّال على المستوى العالمي في المستقبل». وأضاف «إنه أول برهان على قدرة لقاح مضادّ للإيدز على الحماية من الإصابة بالمرض».
بدوره، وصف وزير الصحة التايلاندي، ويتاوا كاوبارادي، نتيجة التجربة بأنها «سبق علمي».
أما منظمة الصحة العالمية فأصدرت بياناً مشتركاً مع برنامج

اللقاح الجديد يقلّل مخاطر الإصابة بالإيدز بنسبة 31.2 في المئة
الأمم المتحدة لمكافحة الإيدز، وصفت فيه نتائج الأبحاث بـ«الإيجابية بشكل متواضع»، وعلى «قدر كبير من الأهمية لأنها تبرهن أنه يمكن الوقاية من الإيدز باستخدام لقاح». إلا أن الأمم المتحدة رأت أن النتائج الحالية لا تسمح بالترخيص باستخدام اللقاح، وأنه ينبغي القيام بتجارب أخرى لتحديد إن كان يمكن الحصول على النتائج ذاتها في أماكن أخرى من العالم.
يشار إلى أن المعارك التي خاضتها الشركات المصنعة للأدوية لإنتاج لقاح للفيروس الذي اكتشف للمرة الأولى في عام 1981، وتسبب منذ ذلك الحين بوفاة 25 مليون إنسان على الأقل، في مقابل 33 مليون آخرين حاملين له أو مصابين به، تعرضت في السابق للانتكاسات، إلا أن الاكتشافات العلمية التي ظهرت أخيراً أشاعت التفاؤل بإمكان التوصل إلى لقاح للمرض في وقت سريع.
من جهةٍ ثانية، قالت منظمة الصحة العالمية أمس إن شركات الأدوية في أنحاء العالم يمكن أن تنتج ما يقدر بنحو ثلاثة مليارات جرعة من اللقاح الواقي من فيروس «انفلونزا ايه اتش1 ان1» سنوياً، محذرةً من أن الإمدادات لن تكون كافية لسكان العالم البالغ عددهم 6.8 مليارات نسمة لأن الطاقة العالمية لإنتاج لقاحات الأنفلونزا «محدودة وغير كافية وغير قابلة للزيادة بسهولة». إلى ذلك، أكدت المنظمة في بيانها أن جرعة واحدة من اللقاحات التي تتولى إنتاجها الشركات الطبية ستكفي لمنح الجسم المناعة، بناءً على نتائج «التجارب المنجزة حتى الآن»، وأن «الآثار الجانبية الناجمة عن اللقاحات ستكون مماثلة لتلك التي لوحظت في لقاحات الأنفلونزا الموسمية.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، أ ب)