يختار نحو 9.5 ملايين برتغالي غداً مجلسهم النيابي، من بين 15 حزباً، حيث يتوقع أن يتقاسم معظم الأصوات الحزب الاشتراكي الحاكم والحزب الديموقراطي الاجتماعي
حبيب الياس
تُخاض انتخابات البرتغال غداً في جو من المنافسة لم تشهده البلاد من قبل، مع إظهار استطلاعات الرأي تقارباً في نسب التصويت، حيث يتوقَّع أن يحصد الحزب الاشتراكي الحاكم بزعامة جوزيه سقراطس نسبة 38 في المئة من الأصوات، في مقابل 30 في المئة للحزب الديموقراطي الاجتماعي بزعامة مانويلا فيريرا ليتي، مع هامش خطأ 5 بالمئة. وتتركز حملة الأحزاب على الخطة الاقتصادية للحكومة بزعامة سقراطس الذي حصد 45 في المئة من الأصوات في الانتخابات الماضية عام 2005. وقتها ركز حملته الانتخابية على وعود إصلاحية أخذت من المواطن عدداً من حقوقه الاجتماعية، وأدت إلى تردي نظام العناية الصحية التي وعد بتحسينها وإلى ارتفاع نسبة البطالة بدل أن تنخفض. لكنه لا يزال يرى أن سياسة حكومته سمحت للبرتغال بـ«مقاومة» الأزمة الاقتصادية على نحو أفضل.
ويبدو أن هذه الإصلاحات أضرّت بالقاعدة الشعبية للحزب، الذي خسر مؤيديه اليساريين. لقد اتجهوا نحو حزب اليمين الوسط (الديموقراطي الاجتماعي) الذي أصبح من خلال خطته الاقتصادية على يسار الحزب الاشتراكي. ولا شك في أن الانتخابات الأخيرة للبرلمان الأوروبي تعطي فكرة عن الوضع، حيث حصل حزب سقراطس على 26.57 في المئة من الأصوات في مقابل 31.68 في المئة لحزب ليتي.
لكن يبقى للعنصر الشخصي تأثيره على الناخبين، ذلك أن سقراطس (52 عاماً) يجسّد صورة الرجل العصري الرياضي والأنيق والفصيح في خطاباته والمعتاد على المنابر، رغم أن الرجل «المفعم بالطاقة» يراه عدد كبير من البرتغاليين على أنه «متعجرف ومتسلط» ويصفه خصومه بأنه سريع الانفعال.
وبدأ سقراطس في صفوف الحزب الاشتراكي في سن الثلاثين، وانتُخب وزيراً مرات عديدة، إلى أن وصل في عام 2004 إلى رئاسة الحزب بنسبة 80 في المئة من الأصوات. ولم يخفِ سقراطس طوال فترة وجوده في الحزب انتماءه إلى الجناح اليميني فيه. وعقب وصوله إلى الحكم، أدخل عدداً من الإصلاحات النيوليبيرالية الهادفة إلى خصخصة بعض القطاعات، ما دفع أحد النواب اليمينيين إلى التعليق بأنه أكثر يسارية من سقراطس.
أما منافسته مانويلا فيريرا ليتي (69 عاماً)، رئيسة الحزب الديموقراطي الاجتماعي، الملقبة بـ«المرأة الحديدية»، ركزت

تتركز حملة الأحزاب على الخطة الاقتصادية للحكومة والتأثير الشخصي للمتنافسين
على «جديتها وكفاءاتها» ضاربة عُرض الحائط بانتقادات خصومها بأنها «شديدة الصرامة». وليتي من المحافظات اللواتي يُنتقَدن على قيمهن الاجتماعية، وعلى صورتهن الجامدة. لكنها ترد على منتقديها بالقول إنها «ليست فنانة، ولم تُنتخَب لتقوم بالسياسة الاستعراضية، وستكون دائماً صريحة». وليتي تتمتع بالخبرة السياسة، بالإضافة إلى تخصصها في الاقتصاد، حيث كانت وزيرة للمال بين عامي 1986 و1990. وهي مقربة من رئيس الجمهورية الحالي أنيبال كافاكو سيلفا. وتولت وزارة المال في حكومة خوزيه مانويل باروسو في عام 2002. وفي عام 2004 تركت السياسة قبل أن تعود لترأس الحزب في عام 2008.
ويرى المراقبون أن الأجواء المتوترة التي نظمت فيها الحملة الانتخابية تجعل من الصعب تكوين ائتلاف حكومي يضم الحزبين. لكن استطلاعات الرأي تظهر أن اليمين مجتمعاً سيحصل على 40 في المئة من الأصوات، وبالتالي لن يتمكن من تأليف حكومة. ومع غياب التوافق بين الحزبين الرئيسين، وعدم رغبة الأحزاب اليسارية بالتحالف مع الحزب الاشتراكي، الذي يرمز في نظرهم إلى جنوح الاشتراكية إلى الليبرالية، فإن هذا السيناريو سيضع الكرة في ملعب الرئيس كافاكو سيلفا، الذي عليه، بموجب الدستور البرتغالي، أن ينتظر ستة أشهر قبل حلّ البرلمان المنبثق من الانتخابات. وفي حال تعطيل عمل المؤسسات، سيضطر إلى التفاوض بشأن تأليف حكومة تسوية قادرة على إدارة شؤون البلاد حتى آذار أو حتى الانتخابات الرئاسية المقبلة في كانون الثاني 2011.