عاصفة غضب تجتاح الغرب متوعدة بعقوبات جديدةكان ينقص الملف النووي الإيراني المثير للخلاف بين الغرب وطهران، الكشف عن مفاعل جديد لتخصيب اليورانيوم. اكتشاف أثار حفيظة الدول الكبرى المهتمة بمعالجة هذه المشكلة مع إيران، فيما لا تزال الأخيرة في موقع مساءلة لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية في شأن توضيح «مسائل غامضة» في برنامجها الذري. اللافت في الأمر أن رؤساء أميركا وبريطانيا وفرنسا، اختاروا المكان والتوقيت المناسبين لإعلان هجومهم على إيران، بسبب هذا المفاعل، الذي يبدو أن وكالة الطاقة على دراية بحيثياته: خلال اجتماع قادة الدول الثماني، وغداة خطاب الرئيس الإيراني في الأمم المتحدة، وقبل أيام من مباحثات الدول الست مع طهران في جنيف.

قنبلة إيرانية جديدة انفجرت أمس في وجه الغرب مع الكشف عن رسالة بعثت بها إيران إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعلن فيها أنها تمتلك منشأة جديدة لتخصيب اليورانيوم شبيهة بمفاعل نتانز، في خطوة أثارت عاصفة من الانتقادات انطلقت من قمة مجموعة الثماني متوعدة بعقوبات وملوحة إلى إشارات إلى وجود برنامج نووي عسكري لدى طهران.
وقال الرئيس الأميركي باراك أوباما، في مؤتمر صحافي قبل القمة الاقتصادية لمجموعة الثماني في بيتسبرغ الأميركية أمس، إن الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا قدّمت أدلة مفصّلة إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية تكشف عن أن إيران تقوم «منذ سنوات» ببناء منشأة سرية لتخصيب اليورانيوم. وحثّ أوباما، بحضور كل من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء البريطاني غوردن براون، إيران على الاعتراف بأنشطتها النووية، قائلاً إن المنشأة الجديدة تؤكّد عدم رغبة طهران في التزام القواعد الدولية، و«لا تنسجم مع البرنامج النووي السلمي». وأضاف أن «الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا قدمت الخميس في فيينا، إثباتات على قيام جمهورية إيران الإسلامية ببناء مصنع سري لتخصيب اليورانيوم قرب مدينة قم».
وطالب أوباما طهران بالسماح للمفتشين الدوليين بدخول المنشأة السرية التي رأى أنها «تعمّق القلق المتنامي من أن طهران لم تلتزم بواجباتها الدولية»، متهماً إيّاها بانتهاك القواعد «التي يجب على جميع الدول اتباعها، ووضع النظام العالمي لمنع الانتشار النووي في خطر والأمن العالمي أيضاً في خطر».
ورأى مسؤول رفيع في الإدارة الاميركية أن المنشأة النووية الإيرانية «حجمها مناسب» لإنتاج كمية من اليورانيوم تكفي لصنع سلاح نووي.
أمّا ساركوزي، فقد أعلن أن أمام إيران مهلة شهرين للاستجابة للمطالب الدولية، وإلّا فستواجه عقوبات مشددة، فيما قال مسؤول فرنسي، رداً على سؤال عن سبب عدم قيام واشنطن وباريس ولندن بالكشف عن وجود هذا الموقع في وقت سابق: «لم يكن ممكناً إعلان» هذه المعلومة «لأنها كانت بالغة الحساسية وكان ينبغي التأكد» منها.
وقال براون: «لن نتوقف هنا، بل نحن جاهزون لفرض عقوبات إضافية وأكثر قسوة»، مضيفاً: «لنوجه الرسالة: على إيران التخلي عن أي طموح عسكري لبرنامجها النووي».
وقال الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي، خافيير سولانا، في بيان: «بالنظر إلى ما صدر اليوم (الجمعة) من إعلانات بشأن البرنامج النووي الإيراني، فإن الاجتماع المقبل في الأول من تشرين الأول، يكتسب أهمية وضرورة أكثر من أي وقت مضى. نتوقع في هذا الاجتماع أن تتعاون إيران تعاوناً تاماً لحلّ القضية النووية». وأضاف: «أؤيد بالكامل البيانات المشتركة للولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا».
بدورها، أعلنت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، أن «ألمانيا قلقة للغاية. نطالب إيران بأن تقدم كل المعلومات الى وكالة الطاقة».
وأبدى الرئيس الروسي، ديمتري مدفيديف، «قلقه» حيال التصريحات الغربية عن وجود موقع إيراني نووي ثان. وقال: «يجب على إيران أن تكون مستعدة للقيام بخطوات ملموسة لاستعادة الثقة ببرنامجها النووي قبل لقاء جنيف».
أما نائب وزير الخارجية الصينية، هي يافي، فقال من جهته إن بكين «بوصفها عضواً في مجلس الأمن الدولي قلقة جداً بشأن هذه المسألة».
وفي القدس المحتلة، قالت مصادر سياسية إسرائيلية، إن تل أبيب تنظر إلى التطورات الأخيرة بعين الخطورة، داعية المجتمع الدولي إلى «وقف المشروع النووي الإيراني المستمر في التطور تحت أنفه من أن يخضع لرقابته». وأضافت أنه «ثبت مرة أخرى أن إيران تحاول أن تخدع العالم وتضلل الجهات الرقابية». وتابعت: «يظهر من بيان الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن البرنامج النووي الإيراني أوسع مما كُشف عنه في الماضي».
في المقابل، أوضح المتحدث باسم وكالة الطاقة، مارك فدريكير، أن إيران كشفت في رسالة إلى الوكالة الاثنين الماضي عن عزمها على تخصيب اليورانيوم في المحطة الجديدة، الواقعة داخل جبل جنوبي غربي طهران. وأضاف أن طهران تعهدت في رسالتها تقديم «المزيد من المعلومات التكميلية في الوقت المناسب».
ونفى الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، في مقابلة مع مجلة «تايم» الأميركية، وجود أي طابع سري للبرنامج النووي الإيراني. وقال: «لا أسرار لدينا. نعمل داخل إطار الوكالة الدولية للطاقة الذرية». ونصح نجاد أوباما بعدم الضغط على بلاده في شأن هذا الموقع الجديد، قائلاً إنه إذا أصر أوباما على ما أعلنه، «فهذا الأمر سيضاف إلى قائمة القضايا التي على الولايات المتحدة أن تعتذر في شأنها للشعب الإيراني». وتابع: «إننا نقوم بكل شيء ضمن الشفافية. هذا لا يعني أن علينا إبلاغ إدارة أوباما في شأن كل المنشآت التي لدينا»، مشيراً إلى أن «أخطاء» أوباما «تصب عموماً في مصلحتنا».
وكانت بعثة طهران لدى الأمم المتحدة قد بعثت برسالة إلى كل من الأمين العام بان كي مون، ورئيسة مجلس الأمن الدولي سوزان رايس، تستنكر فيها أقوال كل من براون وساركوزي في جلسة المجلس قبل يومين حين اتهما إيران بالخداع وبالعمل على برنامج سري لإنتاج أسلحة نووية.
وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» قد نقلت عن مسؤولين أميركيين قولهم إن الموقع الجديد مجهز ليستوعب نحو ثلاثة آلاف جهاز طرد مركزي، ويمكن أن يصبح جاهزاً للعمل بحلول عام 2010.
(الأخبار، أ ف ب، أ ب،
نوفوستي، يو بي آي)


طهران: الأجانب مصدر زعزعة الأمنمن جهته، قال إمام جمعة طهران المؤقت، آية الله أحمد جنتي، إن المسيرات التي انطلقت في «يوم القدس العالمي» يوم الجمعة الماضي «حملت رسالة إلى أميركا وإسرائيل مفادها أن العالم الإسلامي والمجتمع البشري برمته مستاءٌ منكما».
وأعرب عن اعتقاده بأنه «لولا مسيرات يوم القدس العالمي لكان وضع إسرائيل أفضل بكثير ووضع الفلسطينيين أسوأ بكثير مما هو عليه الآن».
(يو بي آي)