معمر عطويلم تكن النتيجة النهائية للانتخابات الاتحادية الألمانية سوى جائزة ترضية للاتحاد المسيحي الديموقراطي (CDU)، بزعامة المستشارة أنجيلا ميركل. جائزة أتت عن طريق الحزب الديموقراطي الحر (FDP)، الذي حقق أفضل نتيجة في تاريخه السياسي (14.6 في المئة)، فيما سجل الـ«CDU»، أسوأ نتيجة منذ عام 1949 (33.8 في المئة).
نتيجة بدا من خلالها أن أحزاب الصف الثاني بعد الـ«CDU» والحزب الاشتراكي الديموقراطي «SPD»، الذي مني بأسوأ نتيجة منذ 1953 (23 في المئة)، قد حققت تقدّماً نوعياً. لعلّها تسجّل رغبة الألمان الواضحة في التمرّد على هذه الثنائية الحزبية، التي لم يكن أيّ من طرفيها، خلال السنوات الأخيرة، بمستوى طموحات شعب يعيش في إحدى أهم الدول الصناعية في العالم.
ولولا تحالف الاتحاد المسيحي، بشقّيه الاتحادي والبافاري «CDU»، مع «FDP»، لما استطاع تأليف حكومة من دون الائتلاف مع الاشتراكيين، على غرار ما حصل في عام 2005، بسبب عدم نيله النسبة المطلوبة (50 في المئة) لتأليف الحكومة.
وبهذه النتيجة، تعود الحكومة الألمانية إلى زمن المستشار هلموت كول، الذي حكم البلاد بالتحالف مع الليبراليين طيلة الفترة الممتدة ما بين 1982 إلى 1998، فيما كانت حقيبة الخارجية دائماً بيد الليبراليين.
أمّا المواطن الألماني الذي عاقب الحزبين، الاشتراكي والمسيحي على السواء، فقد كان جلّ تركيزه على الشأن الاقتصادي، في ظل أزمة شملت العديد من قطاعات هذه الدولة الصناعية. لذلك انقسم ما بين مؤيّد للسياسة الليبرالية والحدّ من سلطة الدولة في القطاعات الاقتصادية، وما بين توجهات حزب اليسار، التي جذبت جمهوراً كبيراً من مؤيّدي الحزب الاشتراكي.
من المؤكد أن السياسة الداخلية هي قطب الرحى لدى الناخب الألماني، لا الموقف من الشرق الأوسط أو العلاقة مع الحلف الأطلسي. هذا ما عبّرت عنه المواطنة اللبنانية الألمانية نيرفانا غندور، التي ترى أن الألمان اقترعوا لسياسة التخفيف من حجم البطالة. وفي رأي سيكفريد ألكسندر، فإن ألمانيا ستواجه وضعاً اقتصادياً ومالياً صعباً.
من جهته، القائم بالأعمال الألماني في بيروت، ميخائيل أونماخت، يرى أن السياسة الخارجية لن تتغيّر، فيما اللبناني الألماني الدكتور عصام الجوهري يرى أن «بقاء ميركل على المسرح السياسي هو نتيجة منطقية لسياسة الحكومة الائتلافية التي تصدّت للأزمة الاقتصادية وقلّصت حجم البطالة». لكنّ الجوهري، الذي شارك في الانتخابات، كان يتمنّى فوز الاشتراكيين «الأقرب إلينا».
كذلك، راهنت المواطنة الألمانية كريس لانغه على تقدّم اليسار، الذي لم يخيّب أملها، لكنه لن يستطيع القيام بشيء في ظل تحالف «يجسّد سياسة النيو ـــــ ليبرالية، ويؤثر سلباً على الوضعين الاجتماعي والاقتصادي للألمان».