غاب لبنان كليّاً عن كلمة سوريا في الأمم المتحدة، وحضرت إسرائيل والعراق والسودان بقوة، مروراً بإيران «التي يحقّ لها طاقة نووية سلمية»
نيويورك ــ نزار عبود
جدّد وزير الخارجية السوري وليد المعلم، أمس، وصف إسرائيل بـ«الدولة الخارجة عن القانون الدولي التي ترفض السلام وتهدّد أمن الشرق الأوسط». وقال، في كلمة بلاده أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، إنّ خيار سوريا هو السلام وفق الشرعية الدولية، مطالباً بتحسين الديموقراطية في تركيبة الأمم المتحدة. ودعا إلى جعل الشرق الأوسط خالياً من أسلحة الدمار الشامل والسلاح النووي خصوصاً، «مع منح الدول الحقّ في امتلاك برامج نووية للأغراض السلمية».
وانتهز المعلم لحظة وقوفه على منبر الدورة الـ 64 للجمعية العامة للأمم المتحدة ليعيد إدانة العدوانين الإسرائيليين على لبنان وغزة «بتشجيع وحماية من إدارة الرئيس السابق جورج بوش».
وفيما رأى رئيس الدبلوماسية السورية أن هناك «تغيّراً» مع إدارة الرئيس باراك أوباما «بدأت ملامحه تظهر من حيث التعاطي مع مسألة الشرق الأوسط»، أعرب عن ارتياح دمشق لوضع واشنطن مسألة التسوية في مقدمة أولوياتها، آملاً أن تثمر جهودها في هذا المجال.
وكرّس المعلم جزءاً كبيراً من كلمته لتحديد انتهاكات إسرائيل، في «رفضها لوقف الاستيطان ومواصلة سياسة مصادرة الأراضي الفلسطينية، وبناء جدار الفصل العنصري، وتهويد القدس وطرد الناس من بيوتهم، وإحلال مستوطنين مكانهم».
وعن موقف بلاده من حلّ الدولتين، رفض التفصيل في الكلام بما أنّ الحكومة الإسرائيلية ترفضه، معتبراً أنّ ما أعلنه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن هذا الموضوع، «لم يكن أكثر من مناورة وشكليات تناقضها تماماً السياسات التي تنفذها حكومته على أرض الواقع».
وأعاد المعلم التمسك بمبدأ السلام العادل والشامل كخيار سوري استراتيجي، على أسس تنفيذ القرارين 242 و338، ومرجعية مدريد، ومبدأ الأرض مقابل السلام، ومبادرة السلام العربية. كلام ردّده المعلم ليوضح حيثيات دخول دمشق في محادثات غير مباشرة مع إسرائيل، بوساطة تركية، «هدفت إلى إيجاد أرضيّة مشتركة، تتيح إطلاق مفاوضات مباشرة»، من دون أن ينسى التشكيك بالإرادة الإسرائيلية للتوصل إلى سلام في معرض شرحه لأسباب توقف هذه المفاوضات بعد عدوان «الرصاص المصهور».

غاب لبنان عن خطابه ولم يعلّق على طلب العراق إنشاء محكمة دوليّة
وعن الأزمة المستجدّة بين العراق وسوريا، اكتفى المعلم بالتذكير أنّ دمشق دانت، ولا تزال، جميع الأعمال الإرهابية التي تقع في العراق، متوقفاً عند سرعة إدانة بلاده لتفجيرات «الأربعاء الدامي» (في 19 آب الماضي). وكشف المعلم عن تفاجؤ دمشق بالاتهامات العراقية بإيواء إرهابيين مسؤولين عن هذه التفجيرات. وبينما وصف المعلم الاتهامات العراقية بأنها «مزاعم لا تخدم مصلحة العراق، ولا مصلحة سوريا»، كرّر المطالبة بتقديم أدلة على الاتهامات التي وجّهت إلى بلاده». وكان اللافت في كلمة المعلم عن هذا الموضوع، غياب أي إشارة أو تعليق على الطلب الذي رفعه الرئيس العراقي جلال الطالباني في خطابه أمام الجمعية العامة بإحالة جرائم «الأربعاء الدامي» إلى محكمة دولية خاصة.
على صعيد آخر، تطرق المعلم إلى النزاع في اليمن، وهاجم «المتآمرين على السودان» وانتقد الحروب في الصومال. وفي المسألة النووية، جدّد وزير الخارجية السوري دعوة بلاده إلى «جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من جميع أسلحة الدمار الشامل»، محيلاً المستمعين إلى مشروع قرار قدمته دمشق إلى مجلس الأمن في عام 2003 يذهب بهذا الاتجاه. وانتهز هنا أيضاً، المناسبة لتوجيه سهامه ضد الدولة العبرية من خلال تجديد مطالبتها بتنفيذ قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن القدرات النووية الإسرائيلية، وإخضاع منشآتها النووية لرقابة الوكالة، والانضمام إلى معاهدة عدم الانتشار النووي.
في المقابل، دافع عن حقّ إيران في امتلاك تكنولوجيا نووية لأغراض سلمية، معبّراً عن تأييد دمشق التام «لحلّ كلّ المشاكل من خلال الحوار البنّاء».