خاص بالموقعواشنطن ـ محمد سعيد
يتوقع أن ترسل بريطانيا نحو 2000 جندي إضافي إلى أفغانستان كجزء من جهود أميركية تستهدف تدريب المزيد من الجنود وأفراد الشرطة الأفغان، في وقت انتقدت فيه لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم البريطاني المهمّات الموكولة للقوات البريطانية في أفغانستان.

وذكرت اللجنة في تقرير بثته هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» على موقعها الإلكتروني أمس، أنّ المهمة العسكرية لم تحقق النتائج المرجوة وهي ضمان الأمن، حيث إنّ الجنود البريطانيين «أرسلوا إلى أفغانستان لمحاربة الإرهاب الدولي، لكنهم ينصرفون اليوم إلى أهداف أخرى كمحاربة تهريب المخدرات».

إلى ذلك، ذكرت صحيفة «الصنداي تايمز» البريطانية، أنّ وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميلباند بحث مع وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون الأسبوع الماضي في واشنطن فكرة إرسال بريطانيا المزيد من الجنود في إطار خطة قد ترفع حجم القوات الأفغانية إلى ما يزيد على أكثر من الضعف.

وأوضحت الصحيفة أنّ هذا التوجه يعدّ إنعاشاً لخطة سابقة لبعض القادة البريطانيين بإرسال ألفي جندي إضافي إلى أفغانستان، وهي الخطة التى قوبلت بالرفض من جانب غوردون براون رئيس الوزراء البريطاني، غير أنه في ظل تزايد الانتقادات بشأن سلسلة إخفاقات الحكومة في تزويد القوات بالعتاد المناسب، وفرض القيود على تعويضات الجنود الجرحى، تتنامى الضغوط على الحكومة لضمان توفير القوات الضرورية.

كما يمكن وضع هذا التوجه في إطار جهود قائد قوات الاحتلال الأميركي في أفغانستان الجنرال ستانلي ماكريستال، الذي تشير مصادر أميركية مطلعة إلى أنه قد يطلب زيادة عدد قوات الجيش الأفغانى من 150 ألفاً إلى نحو 400 ألف، وهو ما يتطلب وجود 12000 مدرب عسكري.

ورغم رفض وزارة الدفاع البريطانية التعليق قبل أن تُعلن نتائج مراجعة ماكريستال بشأن الحملة العسكرية فى أفغانستان، فإنّ براون ـــــ حسب بعض المسؤولين ـــــ أشار إلى أنّ الأولوية العاجلة لبلاده في أفغانستان هي بناء الجيش والشرطة الأفغانيين.

وقد رأى تقرير لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم البريطاني، التي تضم 14 نائباً من الأحزاب البريطانية الرئيسية الثلاثة، العمال والمحافظين والديموقراطيين الأحرار، أنّ المهمة العسكرية الدولية في أفغانستان لم تحقق النتائج المرجوة بعد، منتقداً الانعدام الكبير للحساسية الثقافية لبعض عسكريي التحالف الدولى، مما سبّب أضراراً سيكون من الصعب إصلاحها.

وقال التقرير «لقد أسفر المجهود الدولي في أفغانستان منذ عام 2001 عن نتائج أقل مما كان مأمولاً فيه، وقد ضعف تأثيره كثيراً نظراً لانعدام الرؤية والاستراتيجية المتماسكتين المبنيّتين على حقائق التاريخ والثقافة والسياسة فى أفغانستان».

وخلص التقرير إلى أنّ بعض المسؤولية عن المشكلات في أفغانستان منذ 2001 «يجب أن تُعزى إلى اتجاه السياسة الأميركية فى السنوات التي أعقبت التدخل العسكري مباشرةً»، في إشارة إلى حكومة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش.

وأشارت اللجنة في تقريرها إلى أنّ انتشار القوات البريطانية في إقليم هلمند اتسم باللاواقعية «وانعدام التخطيط بين أجهزة الحكومة والعجز عن إعطاء العسكريين توجيهات واضحة».كما أعربت عن قلقها من الدور الكبير الموكل لبريطانيا في مكافحة زراعة القنّب، «داعيةً الجيش إلى الانصراف إلى الشأن الأمني فقط». وحذر التقرير من أنّ سمعة الحلف الأطلسي، الذي يقود قوات الاحتلال الدولي في أفغانستان، «يمكن أن تتشوّه كثيراً» ما لم يجر توزيع يتّسم بالمزيد من الإنصاف بين الدول الأعضاء. ووصف التقدم الذي أحرز في مجال إصلاح الشرطة بأنه «بطيء لدرجة مخيّبة للآمال»، وتحدث عن فشل في مجالات إنشاء قضاء مستقل ومحاربة الفساد.

وقد رحّبت الحكومة والمعارضة في بريطانيا بالتقرير. ونقلت «بي بي سي» عن متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية قوله، «سننظر بعناية في النتائج والتوصيات المفصلة للتقرير، وسوف نرد على البرلمان في الشهور المقبلة». وأضاف «تتطلّع وزارة الخارجية إلى مزيد من المناقشات بشأن أفغانستان وباكستان مع البرلمان والأطراف المعنيةكافةً».

بدوره، قال وليام هيغ وزير خارجية حكومة الظل المعارضة، إنّ التقرير يتعين أن يكون «نداء صحوة للحكومة،» مضيفاً إنّ التقرير «يؤكد ما كنا نقوله منذ شهور من أن أهداف بريطانيا في أفغانستان يجب أن تكون واقعية ومحددة جداً وخاضعة لتقويم رسمي منتظم».

وأشار هيغ إلى أنّ الحكومة البريطانية في حاجة إلى بذل جهد أفضل في التوضيح للعامة لماذا نحن في أفغانستان، وأن تؤكد لهم أن هناك استراتيجية واقعية متوافرة لتحقيق ذلك.

ويأتي تقرير اللجنة بعدما قتل 22 جندياً بريطانياً في أفغانستان في تموز الماضي وحده، ليكون أكثر الشهور دمويةً للقوات البريطانية منذ عام 2001.