واشنطن ـــ محمد سعيدأفردت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، أول من أمس، تقريراً للتأكيد بالأرقام والمعطيات، كيف أن واشنطن عازمة على نقل اهتمامها من العراق إلى أفغانستان. وكشفت الصحيفة أن قادة قوات الاحتلال الأميركي في العراق، وجنرالات الجيش العراقي، أطلعوا وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس على المشاكل الرئيسية التي تعاني منها بلاد الرافدين، خلال زيارته الأخيرة إلى بغداد الأسبوع الماضي، وذلك رغم إعراب غيتس عن رغبة إدارة الرئيس باراك أوباما بالتركيز على أفغانستان التي «ستكون حجر الزاوية في السياسة الأميركية العام المقبل».
وبحسب معلومات الصحيفة، فإنّ العقيد الأميركي بيتر نيويل، وهو قائد أحد ألوية الجيش الأميركي في العراق، تحدث عن التغيير الكبير الذي طرأ على تكتيكات وخطط جيش بلاده منذ 30 حزيران الماضي، تاريخ إتمام إعادة انتشار قوات الاحتلال تحت عنوان الانسحاب من المدن العراقية. وأشارت الصحيفة إلى أن الحرب التي تشنها الولايات المتحدة على العراق منذ ست سنوات، «لم تعد محوراً لعمل الجيش الأميركي»، موضحة أن معظم تركيز الجيش انتقل إلى أفغانستان رغم سلسلة التفجيرات التي استهدفت مساجد بغداد يوم الجمعة الماضي، ورغم توقّع جنرالات الاحتلال بأن أعمال العنف لن تتوقف قريباً في العراق.
ورأت «نيويورك تايمز» أن هذا التحول في خطط الجيش الأميركي، يتضح من خلال الأرقام، لافتة إلى أنه إذا استمرّ الخفض الجاري في عديد القوات الأميركية، فسيكون هناك 50 ألف جندي أميركي في العراق في العام المقبل، بينما سيصل العدد المنتشر في أفغانستان إلى 68 ألفاً، حتى إن الصحيفة نقلت عن أجواء السجالات الدائرة في أروقة وزارة الدفاع الأميركية ما يفيد بأنّ لجنة استشارية مدنية نصحت قائد القوات الأميركية في أفغانستان الجنرال ستانلي ماكريستال بأنه يتعين أن يطلب قوات إضافية.
ووفق الصحيفة نفسها، فإن «البنتاغون» تتوقع أن ينخفض الإنفاق الأميركي في العراق عن أفغانستان، بنسبة 61 مليار دولار للأول في مقابل 65 مليار دولار للثانية، «وهذا سيكون سابقة منذ عام 2003 لو حصل». كذلك أشارت الصحيفة إلى أن العام الجاري شهد مقتل عدد من الأميركيين (108)، أقل من أفغانستان (128).
ويستند التقرير التقويمي الذي يعدّه الجنرال ماكريستال، الذي يعرض فيه مقاربته للحرب في أفغانستان، على إدخال «تغييرات كبيرة في الوسائل التي تنفذ من خلالها القوات الأميركية والدولية عملياتها هناك». وتتضمن الاستراتيجية الجديدة زيادة كبيرة في عديد القوات الأفغانية وتكثيف الجهود العسكرية الهادفة إلى مكافحة الفساد بين المسؤولين الأفغان المحليين.
بدورها، نقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن أعضاء في الفريق الاستشاري الذي عينه ماكريستال لإعداد تقريره، جزمهم بأن الرجل يبدو «ميالاً إلى زيادة عديد القوات الأميركية لتطبيق الاستراتيجية الجديدة التي تهدف إلى استخدام أساليب غير تقليدية لمحاربة التمرد المتنامي لحركة طالبان». وعن مدى استعداد واشنطن لمفاوضة أعدائها الأفغانيين، طمأن ماكريستال، في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، إلى أن الولايات المتحدة «مستعدة لإجراء محادثات مع أي طرف مستعدّ للسعي وراء حل سياسي في أفغانستان، بما في ذلك المقاتلون المحليون وكبار قادة حركة طالبان».
ومن المتوقع أن تشكل زيادة القوات الأميركية في أفغانستان تحدياً سياسياً لباراك أوباما، وخصوصاً أن الحفاظ على المستوى الحالي لعديد هذه القوات، الذي من المقرر أن يبلغ 68 ألفاً في الخريف المقبل، أثار انتقادات من كبار الديموقراطيين في الكونغرس.