جمانة فرحاتبعدما كان نظام منح الجنسية واللجوء في بريطانيا يوصف بأنه الأسهل في أوروبا، يبدو أن الحروب التي أقحمت لندن نفسها فيها وردود الفعل الشعبية عليها من جانب المواطنين البريطانيين والمهاجرين على السواء، قد أجبرتها على التخلي عن هذا اللقب لتصبح من أكثر الدول تشدداً في منحها الجنسية للأجانب. فقد اقترح وزير الداخلية البريطانية، آلن جونسون، قبل أيام إدخال تعديلات جديدة على الشروط المفروضة على المهاجرين العاملين في بريطانيا، من شأنها أن تجعل حصولهم على الجنسية البريطانية أكثر صعوبة.
وقررت بريطانيا أن تعتمد نظام جمع النقاط الذي يخول المهاجرين الحصول على الجنسية. وإضافةً إلى رفع المدة التي تؤهل الأجانب للعمل في بريطانيا قبل الحصول على جنسيتها ومطالبة المهاجرين بدفع الضرائب وإجادة اللغة الإنكليزية وإطاعة القانون والعمل الطوعي، قال جونسون إن بريطانيا «ستمضي أبعد من ذلك وتطلب من المهاجرين كسب النقاط المطلوبة في مجال المهارة والكفاءة والسلوك الحسن بين أشياء أخرى».
أشياء أخرى تبين أن جونسون يقصد بها، وفقاً لما سربته مصادر في وزارة الداخلية، الإملاء على المهاجرين، الذين يتقدمون للحصول على الجنسية، دعم الحروب التي تخوضها في الخارج قبل منحهم جنسيتها، وحرمان كل من يشارك منهم في التظاهرات ضد قواتها من الحصول عليها. وتعليقاً على الموضوع، قال أحد كبار مسؤولي وزارة الداخلية البريطانية، فيل وولاس، إنّ «علينا أيضاً أن نتوقع من طالب الجنسية أن يظهر ولاءً للبلاد وليس فقط عدم خرقه للقوانين، فهذا ما تفعله بلدان عديدة كالولايات المتحدة وفرنسا، وعلينا أيضاً أن نفعل ذلك».
وقد أثار المشروع الجديد، الذي لن يدخل حيز التنفيذ في حال إقراره بهيئته الجديدة قبل عام 2011، ردود فعل منتقدة تنذر بأن الجدل حوله سيزداد مع مرور الوقت. إذ رأى رئيس مكتب استشارات شؤون الهجرة في بريطانيا، كيث بست، أنه «من الغريب أن يؤدي التظاهر ضد سياسة الحكومة إلى تعقيد الحصول على جنسية»، معتبراً أنه «سيفاجأ كثيراً إذا قالت الحكومة للمواطنين المؤقتين لديها إن عليهم تقييد حرية تعبيرهم خلال الفترة الانتقالية من أجل أن يحصلوا على حقهم الكامل».
بدوره، انتقد وزير الظل عن الحزب الديموقراطي الليبرالي، كريس هوهن، في مقال له في صحيفة «الغارديان» هذا التوجه، ووصفه بأنه «غير بريطاني»، متهماً وزير الداخلية بأنه يريد أن يجل مكان رئيس الشرطة. ومضى أبعد من ذلك، عندما قال إنه «لا يمكن بريطانيا، صاحبة تاريخ تفخر به من حرية التعبير وحرية المواطن في الاحتجاج، أن توافق على هذه الخطوة». ورأى أنه «لا يجوز منع الناس من أن يصبحوا مواطنين بريطانيين لمجرد أنهم يجرؤون على انتقاد سياسة الحكومة».
كذلك، اختارت «الغارديان» أن تعلق في افتتاحيتها قبل أيام على الموضوع، بسخرية عبر قولها: «بمجرد أن تحصل على جواز سفر بريطاني يمكنك التظاهر قدر ما تشاء. وحتى ذلك الحين، لا تتظاهر». أما اللجنة الإسلامية لحقوق الإنسان في بريطانيا فأعربت عن قلقها العميق من المقترحات الجديدة. ورأت أن من شأنها أن تحد من أبسط القيم والحريات البريطانية، ولا سيما حرية التعبير والحق في الاختلاف. كما عبّرت عن مخاوفها من أن تؤدي هذه المقترحات إلى إبعاد السكان من المشاركة في العملية السياسية، وأن تسهم في تأجيج العنصرية وكراهية الأجانب.
وقال رئيس اللجنة، مسعود شجرة، في بيان له على الموقع الإلكتروني للجنة، «نحن نخشى أن هذه المقترحات تقترب من الفاشية»، داعياً الحكومة إلى إعادة النظر في هذا التدبير غير المجدي».