وُصف أمير الحرب البشتوني، بيعة الله محسود، بأنه «أخطر من أسامة بن لادن»، فلم يتمكن جيش باكستان منه على مدى سنوات، أما عملياته فتطال طرفي الحدود، لذا إن صح مقتله فسيكون إنجازاً أميركياً
شهيرة سلّوم
تضاربت الأنباء أمس عن مقتل زعيم «طالبان» في باكستان، بيعة الله محسود. إسلام آباد نعت، وأعلنت أنه قد قُتل مع زوجته الثانية وشقيقه وسبعة من حراسه يوم الأربعاء بصاروخ أميركي في معقله. لكن وزير الخارجية، شاه محمود قرشي، قال إنه «للتأكد 100 في المئة علينا التحقق على الأرض». أما واشنطن فـ«لا يمكنها تأكيد الخبر»، بحسب ما قال المتحدث باسم البيت الأبيض، روبيرت غيبس. وكانت محطة «أي بي سي» قد ذكرت أول من أمس أن المسؤولين الأميركيين لديهم «دليل قوي» على أن محسود قُتل في غارة الأربعاء. ونقلت عن مسؤول باكستاني قوله إن المحققين ينتظرون فحوص الحمض النووي للتأكد.
هذه البلبلة حيال مقتل أمير الحرب البشتوني ردة فعل طبيعية، فالهدف ليس عادياً بتاتاً، إنه «أخطر رجل في تنظيم القاعدة»، وإن صحّت أنباء مقتله، تكن الاستخبارات الأميركية قد أصابت هدفاً مركزياً في إطار استراتيجية الضربات الجوية الخاطفة التي تنفذها طائراتها الاستطلاعية داخل المنطقة القبلية الباكستانية.
محسود شاب لا يتجاوز الـ 33 عاماً من العمر، من بلدة لانديدوغ في وزيرستان الجنوبية، وقبيلته «محسود» واحدة من القبائل الأربع الأساسية في وزيرستان، ليس على قدر كبير من العلم، كما باقي الزعامات القبلية التي تتخرج من المدارس الدينية، إلاّ أنّه معروف بإلمامه السياسي الكبير ومهاراته العسكرية، ويصفه رفاقه بأنه قائد بالفطرة، ويتمتع بنفوذ مُخيف بين أتباعه.
لم يكن معروفاً قبل عام 2004. سطع نجمه بعد مقتل زعيم «القاعدة» في وزيرستان، نيك محمد، بصاروخ أميركي أيضاً، فخلفه محسود، وبعد مقتل أبو مصعب الزرقاوي انتقلت «الجنة الآمنة» للقاعدة من العراق إلى منطقة محسود، فجعل منطقته بيت الأمان لـ«جهاديي القاعدة»، يتلقون تدريبهم في مخيمات يحرسها رجاله.
وهو لا يحب الظهور الإعلامي بتاتاً، كزميله في أفغانستان الملا عمر، يرفض تصويره ويُبقي وجهه ملثماً، ويتواصل مع جمهوره عبر الإذاعة المحلية بكلماته البطيئة، يتنقل من ملجأ إلى آخر وعبر الحدود إلى أفغانستان ليقاتل «الكفار». نادراً ما ينام في السرير نفسه أكثر من مرتين. جيشه يتميز بمتانة التنظيم، ونفوذه القوي بين أبناء قبيلته جعل منه أميراً غير رسمي على منطقة جنوب وزيرستان القبلية.
وقّع في 2005 اتفاقية سلام مع الحكومة تعهّد بموجبها الكفّ عن مساعدة تنظيم «القاعدة» والمتمرّدين الآخرين وعدم شنّ أيّ هجمات على القوّات الحكومية. وبعد محاصرة القوات الباكستانية المسجد الأحمر في تموز 2007 وقتل المئات من الطلبة الإسلاميين، صعّد محسود من عملياته. فأرسلت إسلام آباد جنودها لمطاردته. وهو المتهم الأول بشنّ الاعتداءات الانتحارية في باكستان، وفي المقدمة اغتيال رئيسة الحكومة السابقة، بنازير بوتو في كانون الأول 2007.
رغم موقع محسود، فإن شكوكاً تحوم حوله، ويسود اعتقاد بأنه صنيعة الاستخبارات الثلاث، الأميركية «سي أي إيه» والهندية «راو» والإسرائيلية «موساد»، وظفته كي يخلق الفوضى في باكستان بهدف إضعاف الحكومة ونشر ثقافة معادية للإسلام في الداخل والخارج.