مثّلت محاكمة المحاضرة الفرنسية، كلوتيلد ريس، مادة للتحليل في فرنسا، رأى فيها البعض رسالة مزدوجة للغرب والمعهد الفرنسي للأبحاث الإيرانية «إيفري»، الذي راسلته ريس أثناء التظاهرات، وتتهمه الصحف الإيرانية بأنه «وكر للجواسيس»
باريس ــ بسّام الطيارة
تصدرت صور كلوتيلد ريس في كنف محكمة الثورة الإيرانية الصفحات الأولى للإعلام الفرنسي، وقطع وزير الخارجية الفرنسية، برنار كوشنير، إجازته ليتوجه إلى السلطات الإيرانية عبر قناة إخبارية فرنسية ليؤكد أن ريس «بريئة من التهم الموجهة إليها». ويطالب بالإفراج عنها «بأسرع وقت ممكن»، واصفاً جلسة محاكمتها «بمشهد رأيناه في ظروف أخرى». وشدد كوشنير على أن كل ما اقترفته ريس هو مشاركتها «في المسيرات مرتين: مرة لمدة ساعة، ومرة لمدة ساعتين». وعن اتهامها بكتابة تقارير استخبارية، أشار إلى أنها لم تكتب تقريراً، بل مذكرة مقتضبة جداً وشخصية، وصفت فيها ما يجري، وهي موجهة إلى مدير المعهد الفرنسي للأبحاث الإيرانية «إيفري». وعلمت «الأخبار» أن «إيفري» موّل قسماً بسيطاً من تذكرة سفر ريس إلى إيران وهيّأ لها مركز إقامة في إيران «مثلما يفعل مع عدد من الباحثين».
وفي السياق، قال مصدر مقرب من الملف الإيراني لـ«الأخبار» إن معهد «إيفري»، «هو المستهدف في الأساس»، وإن المناسبة كانت ملائمة لـ«الانتهاء من وجوده في إيران». وذكّر باتهام بعض الصحف الإيرانية للمركز بأنه «وكر الجواسيس في وسط العاصمة».
كذلك يرى مؤسس المعهد والخبير في الشؤون الإيرانية، هنري فوركاد، في التضييق الذي يتعرض له منذ سنوات الباحثون المرتبطون بالمؤسسة، دليلاً على وجود «توجهين» لدى القيادات الفكرية الإيرانية. ويؤكد مصدر دبلوماسي هذا التحليل، إلا أنه يضيف أنه «إلى جانب صراع القوى في الداخل» يوجد «صراع على الموقف من الغرب». ويستطرد بقوله إن هناك تياراً يرى «إمكان إبقاء الحوار مع الغرب قائماً» مع ما يستتبعه ذلك من ضرورة إبقاء جسور التعاون الثقافي، بينما يرى التيار المحافظ بأن «التشدد تجاه الذين يدسون أنوفهم في الشؤون الإيرانية» يوجه رسالة قوية إلى الغرب تقوي من موقع إيران التفاوضي في القضايا السياسية. ومن هنا، يفسر الدبلوماسي احتجاز الفرنسية ريس، ويعبّر عن ثقته في أنها يمكن أن تخرج خلال فترة قصيرة بعد أن تكون «محاكمتها قد استهلكت أهدافها».
من جهةٍ ثانية، أكد كوشنير صحة الاعترافات المنسوبة إلى الموظفة الإيرانية في السفارة الفرنسية، نازك أفشر، قائلاً لصحيفة «أوجوردوي» إن «سفارة فرنسا في طهران تلقت تعليمات باستقبال متظاهرين إيرانيين مطاردين، إذا طلبوا اللجوء إليها».
في المقابل، ردّ الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية حسن قشقاوي، على الذين انتقدوا المحاكمات قائلاً إن «إيران لن تقبل تدخلاً أجنبياً في شؤونها الداخلية»، ووصف رد الدول الغربية بأنه «غير شرعي ويثير الاستغراب».
وفي ما يتعلق بريس، قال قشقاوي إن «هذه الفرنسية جاءت لتعلم اللغة الفرنسية في جامعة أصفهان التقنية. وشاركت بعد ذلك في تظاهرات طهران والتقطت صوراً. هذا لا علاقة له بتعليم الفرنسية». وكشف أنها «أرسلت ألف رسالة إلكترونية وصورة من التظاهرات. فماذا يعني ذلك؟».
كذلك رأى قشقاوي أن بيان الاتحاد الاوروبي بشأن محاكمة المتهمين في أحداث الشغب التي تلت الانتخابات الرئاسية، غير قانوني ومثير للدهشة. وانتقد تأكيد وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، «ارتباط واشنطن الواسع مع مثيري الشغب في إيران»، قائلاً: «بالطبع لم تشر هذه المسؤولة الأميركية إلى الجوانب المختلفة للعمليات الواسعة النطاق التي جرت في إيران»، مؤكداً أن هذه العمليات جرت عبر بعدين: «الناعم واستخدام القوة».