شبهات تجارة أفيون وهيرويين واستغلال سلطات لبناء «إمبراطوريّة خاصّة»مي الصايغ
الفساد سمة لا تقتصر على حكومة كابول فقط. سمة يبدو أنّها متجذرة في عائلة الرئيس الأفغاني الحالي حميد قرضاي، وتطال إخوته الثلاثة، الذين أمعنوا في استغلال وجوده في السلطة لبناء إمبراطورياتهم الخاصة، على حساب الشعب الأفغاني. فأشقاء قرضاي، محمود وأحمد والي ووليد، قد جمعوا ثروات كبيرة منذ تسلم شقيقهم الحكم في أعقاب سقوط نظام حركة «طالبان»، وفق ما أفادت به صحيفة «ديلي تلغراف البريطانية» في 7 آب الماضي. وبينما يُتهم أحمد والي قرضاي بالضلوع في تجارة الأفيون، ويوصف أخوه وليد بأنه أكبر مصدر للهيرويين في البلاد، إلى جانب أمراء الحرب الذين تدعمهم وكالة الاستخبارات المركزية «سي آي إيه»، يُتَّهم محمود باستعمال نفوذ أخيه الرئيس لبناء إمبراطورية تجارية جعلت منه أحد أغنى رجال أفغانستان.
ماكس بوت، الباحث في مجلس العلاقات الخارجية، قال إنّ «هناك تصوراً عن أن أفراد أسرته يستفيدون من موقعه، وهذا أمر له تداعيات سيئة على جهود مكافحة التمرد».
بدورها، رأت الباحثة في معهد «كاتو» الأميركي، ميلو انوسنت، «أنّ حركة طالبان تستخدم ثروة الإخوة قرضاي دليلاً على أن الرئيس كان دمية في يد القوات التي يقودها حلف شمال الأطلسي». وتضيف قائلة «إن الأمور تزداد سوءاً. ولا يبدو أن هناك أي حل سحري للتخلص من ذلك».
في المقابل، ينفي محمود قرضاي (54 عاماً)، الذي يعمل في مجال المناجم وصناعة الإسمنت، أن يكون قد استفاد من نفوذ أخيه. أمّا أحمد والي (48 عاماً)، الذي يملك مجموعة من الأراضي ومصالح تجارية في مدينة قندهار الجنوبية، فرأى «أنّ هذه الادعاءات بتجارة المخدرات غير مثبتة، وأنها تهدف إلى إضعاف شقيقه».
وسبق لصحيفة «شترن» الألمانية أن أفادت في أيلول من عام 2006 بأنّ أحد أشقاء الرئيس الأفغاني حامد قرضاي كان من كبار مهربي المخدرات، وأنّ أحمد والي قرضاي شُطب من لائحة تضمّ كبار مهربي المخدرات في البلاد، بعدما وافق المسؤولون الأميركيون والرئيس الأفغاني على التستر على القضية.

قرضاي لا يُظهر ميلاً كبيراً للسيطرة على إخوته رغم الضغوط المكثفة من الجهات الدولية
وفي السياق، أشارت «نيويورك تايمز» في العام الماضي إلى أنّ أحمد والي قرضاي قد يكون متورطاً في تهريب مخدرات، ما أثار قلقاً لدى كبار المسؤولين الأميركيين. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين لم تحددهم، أنّ السفير الأميركي في أفغانستان ورئيس فريق وكالة الاستخبارات المركزية «سي آي إيه» ونظيريهما البريطانيين، تطرقوا منذ 2006 إلى هذه القضية مع الرئيس قرضاي. وأضافت أنّ الرئيس الأفغاني رفض مطلب المسؤولين دعوة شقيقه أحمد والي، الذي يرأس حالياً مجلس ولاية قندهار (جنوب)، إلى مغادرة البلاد، مشيراً إلى أنه لا يملك أي أدلة دامغة ضده. لكن الأدلة غير المباشرة على تورّط أحمد والي تزايدت، حسبما قالت صحيفة «نيويورك تايمز». إذ اكتشفت قوات الأمن الأفغانية شحنة هائلة من الهيرويين مخبأةً في شاحنة في ضواحي قندهار. لكن القائد المحلي حبيب الله جان تلقى اتصالاً هاتفياً من أحمد والي قرضاي، الذي طلب منه الإفراج عن الآلية بحمولتها.
وبعد هذه الحادثة، اكتشف المحققون الأميركيون وجود صلة بين هذه الشحنة وحارس شخصي لشقيق الرئيس الأفغاني، يعتقد أنه يعمل وسيطاً لحساب أحمد والي. اتهامات نفاها الرئيس الأفغاني وشقيقه، مؤكداً أنها تندرج في إطار الهجمات السياسية لخصومهما.
وما يعزز هذه الفرضية، التقرير الذي أصدرته مجلة «شترن» الألمانية، أول من أمس، عن عثور القوات الخاصة البريطانية على طن من الأفيون في إقليم قندهار على أرض تابعة لأحمد والي قرضاي الشهر الماضي. تهمة نفاها أيضاً أحمد والي كعادته، مضيفاً أنه «ليس على علم بمصادرة القوات البريطانية لشحنة من الأفيون. وإذا حدث ذلك، فليس هناك دليل على أنها ضبطت في أرض تابعة لي. فالغاية من هذه الشائعة ليست سوى الإساءة إلى الرئيس قبل أسبوع من الانتخابات».
ويخشى دبلوماسيون أنّ قرضاي لا يُظهر ميلاً كبيراً للسيطرة على إخوته، رغم الضغوط المكثفة من الجهات الدولية، والمحاولات التي تقوم بها وكالات استخبارات غربية للتحقيق في الأصول التي تعود لأشقائه.
وفي السياق، لفت أحد الدبلوماسيين الغربيين الموجودين في كابول إلى «أنّ الرئيس طالب بنصيحة لكيفية التصدي لإخوته، وعلى وجه الخصوص لأحمد والي في موضوع التعاملات التجارية غير المشروعة». لكنّ قرضاي، بحسب الدبلوماسي، في مأزق. فهو قال له: «إنه أخي، كيف يمكنني أن أفعل ذلك؟».
إلى جانب ذلك، لا يستطيع قرضاي تأكيد سلطته على أحمد والي، أخيه غير الشقيق الأصغر سناً، الذي أثارت قبضته على السياسة القبلية في قندهار غضب الكثيرين. فهو غير قادر على الفوز في الانتخابات الرئاسية المقبلة من دون مساعدة الشبكة التي نسجها أحمد والي، بين قبائل البشتون الجنوبية.