تشهد أفغانستان اليوم انتخابات يعوّل عليها الغرب كثيراً لإبراز «ما تحقق منذ إطاحة حكم طالبان»، هذا النهار الذي يتزامن مع ذكرى الاستقلال الذي يبقى يتمايل بين نفوذ «طالبان» وأمراء الحرب والقوات الأجنبية
باريس ــ بسّام الطيارة
مر «عيد الاستقلال» الأفغاني، أمس، من دون أن ينتبه إليه الأفغان. وحده نيكولا ساركوزي تنبّه إلى الأمر وأرسل رسالة تهنئة إلى «نظيره» حميد قرضاي والشعب الأفغاني، مشدداً على أن «الحملة الانتخابية أظهرت النضج السياسي للشعب الأفغاني والاهتمام الذي يوليه لمناقشة ظروف تحديد مستقبلهم».
وأشارت الرسالة، التي كشف عنها مصدر في الإليزيه، إلى أن ساركوزي وضع التعاون بين البلدين في إطار «العلاقة التاريخية ومحاربة الإرهاب»، وهو ما قاد الرئيس الفرنسي إلى «تعزيز التزامات باريس على الصعيد العسكري والسياسي والمدني». وشدد على أن هذا التضامن «ساهم بإعادة توجيه المبادرات الدولية»

خسارة الحرب تعني خسارة الردع الموجود في لاوعي الشعوب
وهو ما تطلق عليه الدبلوماسية الفرنسية «أفغنة الصراع».
إلا أن ساركوزي تجاهل في رسالته تصاعد العنف مع اقتراب ساعة الحسم الانتخابي، ما يمثّل «تحدياً مباشراً» للقوات الغربية ومحاولة تقويض العملية الانتخابية لإثبات فشل «إيساف» وبالأخص لوضع حد لمحاولة «تعويم قرضاي» عبر انتخابات يعرف الجميع أنه لن يخسرها، وإن كان حساب الربح والخسارة مرتبطاً أكثر بعدد المشاركين في العملية الانتخابية بعد التهديدات المباشرة التي وجهتها «طالبان» لمن يشارك أو يكون موجوداً في محيط مكاتب التصويت.
ويتفق الجميع على أن تهديد «طالبان» يتزايد، ما يتطلب زيادة في عديد القوات الأجنبية وهو ما تستعد إدارة أوباما لفعله مباشرة بعد الانتخابات، حسب مصدر عسكري متابع، مع توقعات بأن تفعل فرنسا الشيء نفسه وكذلك بريطانيا، رغم التململ الشعبي من ارتفاع عدد الضحايا بين جنود جلالة الملكة. والواقع أن الجيوش الأجنبية هي «في طريقها لخسارة الحرب على الأرض»، فيما لا يتردد مسؤول من وصف الحالة بأنها «فيتنام جديدة انغمس في وحولها الغرب».
ومن هنا يفسر خبير فرنسي ما يردده الزعماء الغربيون من أنه «لا يمكن خسارة هذه الحرب»، ليس فقط لإبراز «تمايز بين ما أصاب الاتحاد السوفياتي وما يمكن أن يصيب الغرب والحلف الأطلسي المشارك»، بل لأن خسارة الحرب هنا اليوم تعني خسارة «الردع الموجود في لاوعي الشعوب من أن الغرب، ممثلاً بأميركا والحلف الأطلسي، لا يمكن أن يخسر».
ويرى الخبراء أن خسارة عسكرية في أفغانستان يمكن أن تنعكس على مناطق ساخنة أخرى في العالم، وهو ما يمكن أن يعيد تأجيج حروب العصابات التي جهدت أميركا لانتزاعها من ذاكرة الشعوب بعد خسارة فيتنام. ويفيد كل هذا بأن الحرب في أفغانستان لا تزال في «بدايتها».