لم تعد الحروب حكراً على الدولة التقليدية. باتت تخضع لمبدأ الربح والخسارة شأن أي قطاع خاص، ولعلّ ما تقوم به شركة المرتزقة «بلاك ووتر» في ساحات الوغى خير أنموذج على ذلك، مع امتداد نفوذها إلى كل ميادين الحروب الأميركيّة
كشفت صحيفة «نيويورك تايمز»، أمس، أن لشركة «بلاك ووتر» الأميركية دوراً خاصّاً أيضاً في برنامج واشنطن الأكثر أهمية لمكافحة الإرهاب، الذي يتناول تنفيذ ضربات جوية داخل المناطق القبلية الباكستانية، مستندةً إلى أقوال مسؤولين حكوميين وموظفين حاليين وسابقين.
وتضطلع الشركة، بحسب «نيويورك تايمز»، بمهمة جمع الصواريخ، ونحو 500 رطل من القنابل الموجّهة بالليزر التي تحملها الطائرات من دون طيّار، وقذفها داخل المناطق الباكستانية والأفغانية، كما تساعد أيضاً على توفير الأمن لقواعد التغطية. وقالت الصحيفة إن الدور الذي تؤدّيه الشركة في برنامج الطائرات من دون طيار يسلّط الضوء على الدرجة التي تعتمد بها وكالة الاستخبارات على شركاء من الخارج لتنفيذ واحدة من أهم خططها. وتُعرف الخدمات التي تقدّمها «بلاك ووتر» بـ«إكزي».
وأوضحت «نيويورك تايمز» أن الشركة الحربية الخاصة لا تتدخل في اختيار الأهداف التي تُقصف داخل باكستان وأفغانستان، بل إنّ هذه الأهداف تختارها «سي آي إيه» «فموظفو الوكالة هم من يضغطون على الزناد». وأشار هؤلاء الموظّفون إلى أن الدور المباشر لـ«بلاك ووتر» في هذه العمليات أحدث أحياناً مشاكل مع «سي آي إيه»؛ فحين تُخطئ الطائرة من دون طيار هدفها، يُتّهم موظفو الوكالة «بلاك ووتر» بالتقصير في إعداد
القنابل.
وجاء في التقرير أيضاً أن موظفين قادة في «بلاك ووتر» ساعدوا الاستخبارات على عمليات التخطيط والتدريب والمراقبة في إطار برنامجها السري لمكافحة الإرهاب. ونقلت عن الرئيس السابق لوكالة الاستخبارات، مايكل هايدن، قوله خلال جلسة مناقشات بشأن خصخصة الاستخبارات لتبرير اللجوء إلى خدمات الشركات الحربية الخاصة، إن «هناك مهارات ليست لدينا في الحكومة ويمكن أن يكون لنا حاجة مباشرة إليها». لكنه أشار إلى أن البرنامج لم يكن بارزاً خلال رئاسته للوكالة، التي انتهت مطلع العام الحالي، لذلك لم يجد نفسه مضطراً إلى إخبار الكونغرس.
في المقابل، أكد رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، السيناتور ديان فاينستاين، أن الوكالة يجب أن تطلع الكونغرس على «كل عملية استخباراتية، وأي عمل سري يجب إبلاغ الكونغرس به، وإذا لم يجرِ ذلك، فهذا يعدّ انتهاكاً للقانون». ورفض متحدث باسم الـ«سي آي إيه» التعليق على تقرير الصحيفة.
في هذا الوقت، تواصلت الهجمات الصاروخية الجوية الأميركية داخل المناطق القبلية الباكستانية، بعد النجاح الذي حققته بإسقاط أهداف مهمّة، وفي مقدّمتها مقتل زعيم «طالبان» باكستان بيعة الله محسود. وشنّت طائرة من دون طيار، أمس، هجوماً على منطقة داندي داربا خيل، غير البعيدة عن ميران شاه، عاصمة المنطقة القبلية شمال وزيرستان، وقتلت 12 شخصاً على الأقل لم تتّضح هوياتهم بعد.
ومعروف عن داندي داربا خيل أنها مركز لأحد أبرز قادة «طالبان» جلال الدين حقاني.
وبُعيد سقوط الصاروخ، فتح متمرّدون النار على مركز مراقبة تابع للجيش بالقرب من ميران شاه، حسبما قال مواطنون ومسؤولون محليّون.
(الأخبار)