عندما أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما تعيين بريت ماكغورك مبعوثاً خاصاً له ومنسقاً لـ«التحالف الدولي» ضد «داعش»، خلفاً للجنرال جون آلن، قال إن «الجنرال آلن كان بمستوى التحدي، فقد أبدى قدرة وشجاعة كبيرتين، ولعمله الدؤوب يعود الفضل الأكبر لقيادة الولايات المتحدة اليوم تحالفاً دولياً، يتكون من ٦٥ دولة أجبر تنظيم داعش على التقهقر والتخلي عن مكتسباته الإقليمية في العراق وسوريا».
كلام حاول من خلاله أوباما تضخيم دور «التحالف الدولي» واستعراض ما لم يتمكن من القيام به، وبالتالي الإيحاء بانتصارات استراتيجية للولايات المتحدة، وهو ما جاء على لسان آلن أيضاً، ولكن بلجهة أكثر واقعية، في مقابلة مع صحيفة «نيويورك تايمز»، قال فيها إن «التحالف» تمكن من «زيادة الضغوط العسكرية والاقتصادية على داعش». لكن ذلك لم يمنعه من الاعتراف بأنه «لا يزال يجب القيام بأكثر الخطوات أهمية» خلال الفترة المقبلة، مسلّماً بذلك الدفة إلى ماكغورك.
في كلام أوباما ما يوحي، أيضاً، بأن الدور الذي يقوم به «منسّق التحالف الدولي»، له أهمية كبيرة، بحيث لا يمكن الاستغناء عنه. ولكن السفير الأميركي السابق في العراق وأفغانستان رايان كروكر كان له رأي معاكس، إذ قال لمجلة «فورين بوليسي» إنه «عمل من الجحيم، ولا أرى لماذا قد يريده أي شخص»، مضيفاً «إما أن لا يكون لديك موفد أبداً، أو يجب إعطاؤه نفوذاً حقيقياً».
كروكر أكد أن «أحداً لن يقوم بما هو أفضل ممّا قام به آلن»، وأوضح أن «الطريقة المثلى لإعطاء النفوذ لهذا المنصب هي من خلال تصريح الرئيس (باراك أوباما) قائلاً: إنه يعمل معي مباشرة».
من هنا، أشارت مجلة «فورين بوليسي» إلى أن ماكغورك سيواجه المشاكل ذاتها التي واجهها آلن، والتي تتمثّل في كون الاستراتيجية الأميركية «مرهَقة»، بالتوازي «مع عدم وجود مرونة بيروقراطية».
وعادت بالخلافات بين وزارة الدفاع وآلن، إلى شباط الماضي، حين تحدث أحد المسؤولين في القيادة المركزية، أمام الصحافيين في البنتاغون، قائلاً إنه «سيتم شنّ هجوم من قبل الجيش العراقي لاستعادة مدينة الموصل في نيسان أو أيار». تصريح أغضب الحكومة العراقية، آنذاك، وفق المجلة الأميركية، وترك جون آلن «مصعوقاً» من فكرة أن الجيش يمكن أن يصرّح علناً بتوقيت العمليات المستقبلية.
ومن الأحداث التي وقعت بعد تسلّم آلن مهماته، والتي كانت من أبرز الإشارات على سوء التنسيق، هي «عندما تواصلت معه قبيلة أبو النمر (في الأنبار)، محذرة من قرب اجتياحها من قبل مسلحي داعش، وطالبت بضربات جوية أميركية لمساعدتها». آلن قام، حينها، بنقل نداء القبيلة إلى قادة الجيش الأميركي، الذي لم يشن أي ضربات جوية لمساعدتها. بعدها، حصل ما حذرت منه القبيلة العراقية، وخسرت عدداً كبيراً من قادتها، الذين قتلهم «داعش» أو اختطفهم.
معدا تقرير «فورين بوليسي»، دان ديلوس وجون ماكغورك، توسّعا في شرح ما ذهبا إليه، وقالا إن «آلن اختلف، بشكل متكرر، مع الجيش الأميركي خلال فترة تبوئه منصب منسق التحالف»، إضافة إلى أنه «لم يحصل على السلطة الكافية لإجبار البنتاغون والوكالات الحكومية على اتباع إرشاداته».
علاوة على ذلك، أشار ديلوس وهادسون إلى أن «مقر عمل ماكغورك في وزارة الخارجية، وليس في البيت الأبيض، وهو لن يكون عضواً في مجلس الأمن القومي التابع للرئيس الأميركي». وإن كان ذلك يعني شيئاً فهو أنه «سيكون خاضعاً لقادة الجيش الأميركي، ولن تكون لديه القدرة على إحداث تغييرات في استراتيجية تُنازع لتحقيق هدف معلن هو القضاء على داعش».
وسط كل هذا النقاش، أكد أحد المسؤولين في الإدارة الأميركية لـ«فورين بوليسي» أن الحكومة «راضية عن الأمور كما هي، وليس لديها أي خطط لإحداث أي تغييرات».
لذا، في الوقت الذي لا تملك فيه الإدارة الأميركية استراتيجية واضحة ــ أو لا تملك استراتيجية على الإطلاق ــ وبينما يتحضر جون آلن لترك منصبه، تواجه واشنطن «مشكلة غير مسبوقة»، بحسب صحيفة «نيويورك تايمز»، التي لفتت إلى أن التحالف الذي تقوده روسيا غيَّر المعادلة. وهو ما حدا بجون آلن إلى العمل على تدعيم وتعزيز «التحالف الدولي» الذي تقوده بلاده، خلال زيارته الأخيرة للشرق الأوسط. في هذا الإطار، أشارت الصحيفة إلى أن آلن اجتمع، الشهر الحالي، مع رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي، وحصل منه على ضمانة بأن «مركز التنسيق» الجديد، الذي أنشأه الروس مع العراق وإيران وسوريا، لن يقوم بعمليات عسكرية، بل سيحدّ عمله في إطار تبادل المعلومات بشأن المسلحين.
خلال الأسبوع الماضي أيضاً، «حاول آلن تطمين المسؤولين في الممالك الخليجية بأن الولايات المتحدة لن تضم قواتها إلى الروس في سوريا، أو تدعمها ضمنياً»، بحسب «نيويورك تايمز». «كانت الرسالة أننا لن نتقاتل مع الروس في سوريا، ولكن لن نتعاون معهم»، قال آلن، في مقابلة مع الصحيفة الأميركية.