خسرت الولايات المتحدة أمس أحد أهم رجالات السياسة الذين مرّوا عليها؛ فعلى الرغم من فضائح حياته الشخصية التي ظلّلت مسيرته السياسية، يبقى إدوارد كينيدي علامة فارقة في تاريخها
توفي في الولايات المتحدة أمس السناتور الأميركي إدوارد كينيدي، الشخصية البارزة في الحزب الديموقراطي، الذي أصبح عميد واحدة من أشهر العائلات السياسية في الولايات المتحدة، عن 77 عاماً، بعد صراع مع سرطان الدماغ، الذي شخّصت إصابته به في أيار عام 2008. ومثّلت وفاة كينيدي أفول نجم عائلة اشتهرت بالعمل السياسي. فإدوارد، الذي ولد عام 1932 هو النجل الأصغر بين الأولاد التسعة لجوزف وروز كينيدي، وهو جزء من عائلة مليئة بالطموح السياسي، بدءاً بجده من ناحية والدته جون فيتزجيرالد، عضو الكونغرس، وشقيقه الرئيس الراحل جون كينيدي الذي اغتيل عام 1963، والسناتور روبرت كينيدي الذي قتل بالرصاص أثناء مباشرته حملة انتخابات الرئاسة عن الحزب الديموقراطي عام 1968، وجو كينيدي الطيار الذي قتل في الحرب العالمية الثانية.
وعندما شغل مقعد مجلس الشيوخ للمرة الأولى، كان يُنظر إليه على أنه يفتقر إلى الوزن السياسي، وأنه يدين بالفضل لاسم عائلته في شغله المقعد. ولكن خلال نحو نصف قرن قضاها في المجلس أظهر خلاله حيوية ونشاطاً ولمع كمشرع متمرّس، أصبح كينيدي واحداً من أكثر أعضاء مجلس الشيوخ فاعلية، إذ كان يصوغ التشريعات من خلال التعاون مع النواب والرؤساء من الحزبين الديموقراطي والجمهوري.

عارض غزو العراق وعدّه أفدح خطأ في تاريخ الدبلوماسية الأميركية
وقد لقّب كينيدي بـ«أسد مجلس الشيوخ». ومع أنه يعدّ بطلاً للقضايا التقدمية والدفاع عن المهاجرين وعن القضايا الاجتماعية، فإن العمل السياسي لكينيدي تلطّخ بفضائح حياته الخاصة. وتوالت فضائحه الماجنة إلى الحد الذي دفعه إلى إعلان ندمه على الملأ في بداية تسعينات القرن الماضي.
فبعد وفاة روبرت كينيدي، كان من المتوقع أن يرشح إدوارد نفسه للرئاسة، ولكن بعد حادثة غرق شابّة كانت على متن سيارة يقودها كينيدي عام 1969 بما عرف بقضية «شاباكيديك» (اسم الجسر الذي وقع عنه) ولم يبلغ السلطات بالحادث إلا في اليوم التالي، تشوهت صورة كينيدي واعترف بأنه أخطأ في مغادرة مكان الحادث وصدر بحقّه حكم مع إيقاف التنفيذ.
ورشّح كينيدي نفسه في انتخابات الرئاسة عن الحزب الديموقراطي عام 1980 ولكنه هزم أمام جيمي كارتر. وعلّق يومها بالقول «حسناً، لقد تعلّمت أن أخسر، ولشخص من عائلة كينيدي هذا أمر صعب».
وبعد إحباط طموحه في الوصول للرئاسة، كرّس كينيدي حياته للعمل في مجلس الشيوخ، حيث ساعد على سن إجراءات لحماية الحقوق المدنية وحقوق العمال وتوسيع الرعاية الصحية وتطوير المدارس وزيادة المساعدات للطلبة واحتواء انتشار الأسلحة النووية. وفي 2003 عارض جورج بوش في غزو العراق، واتهمه بالمبالغة عمداً في تصوير التهديد العراقي وذلك لتبرير الحرب، التي وصفها بـ«أفدح خطأ في تاريخ الدبلوماسية الأميركية». ويشار إلى أنه من المقرر أن تنشر مذكّرات كينيدي في الخريف المقبل. ورأى الرئيس الأميركي باراك أوباما أن بلاده فقدت «شخصية فريدة في التاريخ الأميركي... رغم علمنا منذ بعض الوقت بأن هذه اللحظة ستأتي، إلا أننا كنا نخشاها كثيراً». وأضاف «لم يكن فقط أحد أعظم النواب في أيامنا، ولكن أيضاً أحد أكثر الأميركيين، الذين خدموا ديموقراطيتنا، تحقيقاً للإنجازات».
(رويترز، ا ف ب، ا ب)