أرنست خوريذهب العقيد في القوات البحرية في الجيش التركي، دورسون جيجيك، أمس، ليدلي بشهادته لدى المحكمة، ولم يعد. فالرجل المتهم بصياغة تقرير «إنهاء» الحالة الإسلامية في البلاد، ظنّ أنّ الصراخ الذي أطلقه قائد الجيش إلكر باسبوغ قبل أيام، والذي حظر على الجميع «تلطيخ سمعة» مؤسّسته، كفيل بالسماح له بأن يذهب إلى القاضي، ويشرب فنجان قهوة تركية معه ويعود إلى الخدمة. لكن الرجل ذهب ولم يعد. توقيف بدا كأنه محل اتفاق مسبق بين الرؤوس الكبيرة في البلد، إذ إنه حصل غداة اجتماع عسكري سياسي، جمع الرئيس عبد الله غول ورئيس الوزراء رجب طيب أردوغان وباسبوغ وأهم الوزراء وكبار ضبط الجيش. اجتماع دام 7 ساعات، وبقيت أجواؤه بعيدة عن الإعلام. فقط عُلم أن النقطتين الوحيدتين على جدول أعماله كانتا: «خطّة إطاحة العدالة والتنمية ومؤسسات الداعية الإسلامي فتح الله غولن»، والخلاف على التعديل القانوني الذي أقرّه البرلمان يوم الجمعة الماضي، والقاضي بحصر محاكمة العسكريين أمام القضاء المدني في أيام السلم، ومنع مقاضاة المدنيين أمام المحاكم العسكرية.
إذاً، فإنّ توقيف جيجيك في قضية «خطة الانقلاب»، التي ضُمَّت إلى ملف عصابات «إرغينيكون»، هو التطبيق الأول لقانون محاكمة العسكريين مدنياً، الذي لا يزال عسكر تركيا غير متقبلين لفكرته. يُرجّح أن حكام أنقرة أدركوا أن قانونهم سيسبب مشاكل كبيرة، لكن ما العمل، والتعديلات المطلوبة من الاتحاد الأوروبي تنصّ أولاً على «تقليم أظفار» العسكر في السياسة، وهو شرط مبدئي لمناقشة ترشيح تركيا لعضوية أوروبية كاملة؟
واللافت أنّ 8 ضباط وردت أسماؤهم في التقرير الذي كشفت عنه صحيفة «طرف» في 4 حزيران الماضي، سبقوا جيجيك إلى مكتب المدعي العام في محكمة بيشيكتاش وخرجوا أحراراً. وحده جيجيك بقي ضيفاً في السجن. وأكثر ما أثار الاهتمام، هو أنّ الضباط الثمانية الذين نجوا في التحقيق الأولي، هم برتبة عقيد: دورا سونغوناي، ومحرّم نوري، وشفق يورقلي، وإبراهيم أوزيورت، ومرت يانيك، وتيفون دومان، ولفنت غورجيك، وأيدين أورتاباسي. لكن لم تنته مغامرة هؤلاء الضباط بعد، فهم سيخضعون للتحقيق العسكري في آب المقبل بموازاة الإجراءات المدنية، لأنّ باسبوغ لا يريد أن تحتضن مؤسسته أي «عناصر تعمل ضد الديموقراطية»، على ما أفاد قبل أيام.