في ظل استعداد النظام المصري لعملية نقل السلطة، تحاول جماعة الإخوان المسلمين في مصر أن «تحفظ رأسها» من خلال التحرك «ظاهرياً» ضمن هامش القواعد التي رسمها النظام الذي يضيق يوماً بعد يوم
القاهرة ــ الأخبار
استمرت جماعة الإخوان المسلمين على صمتها وعدم الرد على حملة الاعتقالات الحكومية الأخيرة ضدها، فيما تكشّفت معلومات عن ضغوط تمارس على المرشد لعام للإخوان مهدي عاكف، لإعلان استقالته أو الرد على حملة الحكومة. وبدا واضحاً أن تيار عاكف، الذي يهادن السلطة ويرفض شق عصا الطاعة عنها، قد انتصر في مداولات الإخوان السرية بشأن كيفية التعامل مع الحكومة في ظل ما يتردد من سيناريوهات مطروحة لنقل لسلطة عبر حل مجلس الشعب وتهيئة المناخ لتولي جمال حسني مبارك، القيادي البارز في الحزب الحاكم، مقعد والده الرئاسي.
ورأى عضو مجلس الشعب، المهندس سعد الحسيني، أن ما نشرته «المصري اليوم» عن تهديد الإخوان بالتصعيد والتظاهرات تحسباً لإحالة الأمين العام لاتحاد الأطباء العرب، رئيس لجنة الاتصال الخارجي في جماعة الإخوان المسلمين الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح ورفاقه للمحكمة العسكرية، تحريف مقصود ومحاولة افتعال أزمة جديدة لتشويه صورة الجماعة وإظهارها بمظهر «ميليشيا» تهدد وتتوعد.
ورأى الحسيني أن «هذه الهجمة تأتي ضمن حملة متكررة لا تزيد الإخوان إلا صبراً وثباتاً على منهجهم لمصلحة هذا الوطن وأبنائه، رغم حملات القمع الأمني والتشويه الإعلامي المقصود».
في هذا الوقت، استكملت نيابة أمن الدولة العليا تحقيقاتها مع أبو الفتوح ومقرر لجنة الإغاثة الدكتور جمال عبد السلام بتهمة العمل لإحياء التنظيم الدولي للإخوان المسلمين.
وواجه رئيس النيابة أبو الفتوح بأحد الشيكات التي تلقاها من أحد مراكز الإخوان المسلمين في شيكاغو بالولايات المتحدة بقيمة مليون و500 ألف جنيه من أموال الجماعة هناك، إضافةً إلى عدد من الرسائل على بريده الإلكتروني التي تتحدث عن التنظيم الدولي للإخوان المسلمين واجتماعاته.
ونفى أبو الفتوح علمه بأي شيء، كما رفض للمرة الثانية الرد على هذه الأسئلة لأنه يشغل منصباً في الجامعة العربية، وهو ما يعطيه حصانة تحددها اتفاقية المقر الخاصة بالجامعة العربية، مشيراً إلى أن اتحاد الأطباء العرب يتبع لإشراف الجامعة.
وكانت جماعة الإخوان المسلمين قد وضعت حملة الاعتقالات في إطار «تقديم القرابين إلى الأميركيين والصهاينة لضمان استمرار قبضة النظام على الحكم، والاستعانة بالأجنبي على مواطني مصر الذين باتوا يكرهون هذا النظام لظلمه، وفشله وعدوانه المستمر عليهم».
وأوضحت الجماعة، في بيان لها، أن «الاعتقالات تؤكد فشل النظام القائم في شتى المجالات، وعدم قدرته على تحقيق الأمن لأبناء الأمة»، و«تصب مباشرةً في خدمة أعداء الوطن الصهاينة والأميركيين، وتسيء إلى سمعة مصر داخليّاً وخارجيّاً».
وبحسب مراقبين، سوف تتجنّب جماعة الإخوان الدخول في مواجهة ضد محاولات وصول جمال مبارك إلى الحكم لأنها تخشى أن تتعرض لحملة من جانب السلطات يمكن أن تسبّب تدميرها.
لكن الجماعة مع ذلك، ستبقى تعمل في نطاق هامش الحرية الذي تسمح به الدولة، والذي يزداد ضيقاً، فتنافس في الانتخابات وتسعى إلى توسيع نفوذها من خلال أجندة اجتماعية نشطة.
والجماعة هي أقوى جماعة سياسية معارضة في مصر، وهي الوحيدة التي يمكنها حشد مئات الألوف من المؤيدين المنضبطين. وفازت بنحو خُمس مقاعد مجلس الشعب في الانتخابات التشريعية التي أجريت عام 2005، والتي أوردت تقارير أنه شابها تزوير تنفيه الحكومة.
وفي السياق، بدأت حملات احتجاج افتراضية للرد على نيّة ترشيح جمال مبارك للرئاسة. ودشن ناشطون على موقع التعارف الاجتماعي «فيس بوك» حملة جديدة تحت عنوان تهكّمي «مبايعة ترشيح جمال مبارك رئيساً لمصر»، التي أطلقتها مجموعة بريدية تحمل اسم «محبي ومؤيدي وعشاق جمال مبارك».
وتضم المجموعة، التي أطلقت الحملة الجديدة، أكثر من 1100 شخص ومؤسسها محام مصري شاب يدعى مصطفى أحمد، قال في تقديمه للحملة «نعلن نحن أبناء مصر المؤيدين والمحبين لجمال مبارك أننا نبارك ونؤيد ونبايع ترشيحه لانتخابات الرئاسة المقبلة في حال عدم ترشّح والده الرئيس محمد حسني مبارك، نفسه مرة أخرى، ونؤكد أننا معك قلباً وقالباً وسنكون مساندين لك وداعمين لحملتك الانتخابية».
وقال مؤسس المجموعة أحمد، في التعريف بها، إن «المحاسب جمال مبارك أصبح المرشح للرئاسة، فقط لأنه ابن رئيس الجمهورية، فقط لأن والده أراد ذلك، فقط لأننا نعيش في ظل نظام سياسي سلطوي غير ديموقراطي، والتعددية الحزبية مقيدة بحيث لا يستطيع أيّ من الأحزاب أو الحركات السياسية المختلفة أن يعمل بحرية».