إيطاليا تشهد بدء تحوّل «جي 8» إلى «جي 14»: خطوة إلى الأمام
تكتسب قمة مجموعة الدول الثماني الصناعية الكبرى «جي 8» التي تبدأ أعمالها في إيطاليا اليوم أهمية خاصة، فهي تتناول قضايا كثيرة ومتشعّبة، فيما «الدول الناشئة» تراقب... وتشارك!

محمد سعيد
تقتصر اجتماعات اليوم الأول لقمة مجموعة الدول الثماني العظمى التي تنطلق في مدينة لاكويلا الإيطاليّة اليوم، على زعماء المجموعة، غير أنّ اليوم الثاني سيشهد انضمام دول مجموعة الخمس الناشئة (جي 5)، وهي جنوب أفريقيا والبرازيل والصين والهند والمكسيك، إضافة إلى مصر، وسينضم لاحقاً قادة كل من أوستراليا وإندونيسيا وكوريا الجنوبية للمشاركة في المناقشات المرتبطة بتغير المناخ والأمن الغذائي ومكافحة الفقر وتطبيق مقررات قمة الألفية بالأمم المتحدة والتنمية الدولية، والموضوعات الأمنية.
وغداً تنضم بعض الدول الأفريقية وست منظمات دولية إلى النقاشات، كذلك سينظَّم برنامج خاص لزوجات زعماء الدول المشاركة، إذ تنظم لهن زيارة في العاصمة روما والمنطقة التاريخية بمدينة لاكويلا التي تأثرت بالزلزال في نيسان الماضي، فضلاً عن المشاركة لاحقاً في مؤتمر تعقده منظمة الأغذية والزراعة في روما.
وتمثّل هذه القمّة تحوّلاً نوعياً في عمل الـ«جي 8» الذي كان متمحوراً حول تسيير شؤون العولمة الرأسماليّة، ففي ظلّ تنامي الشأن الاقتصادي للبلدان الناشئة والظروف الصعبة التي تمرّ بها البلدان الصناعيّة، تظهر أهميّة إدارة العالم بطريقة أخرى تُشرك الأطراف. وهذه الصيغة ظهرت بشكلها الأبرز في قمّة مجموعة العشرين التي استضافتها لندن في نيسان الماضي.
كذلك تزداد أهميّة القمّة في ظلّ تزايد التحذيرات من أنّ «الأسوأ» من الأزمة الاقتصاديّة لم ينته بعد، على حدّ تعبير الأمين العام لمنظّمة التجارة الدوليّة، باسكال لامي، وأنّ التداعيات السياسيّة والاجتماعيّة «لم تظهر بعد»

الأزمات السياسيّة

في كانون الثاني الماضي، عقد وزراء خارجيّة المجموعة اجتماعاً في مدينة تريستي شمال إيطاليا ركز على الأوضاع في أفغانستان وباكستان فضلاً عن قضايا الصراع العربي الإسرائيلي وإيران، وشارك فيه، إضافةً إلى دول المجموعة، كل من وزراء خارجية مصر، الإمارات، السعودية، الهند، كازاخستان، النرويج، باكستان، أفغانستان، إسبانيا، السويد، طاجيكستان وتركيا.
وبحسب وزير الخارجيّة الإيطالي، فرانكو فراتيني، فإنّ قمّة لاكويلا «ستقتصر على مناقشة سياسة إيران، ولن تتخذ قراراً بهذا الشأن». وشدّد على أنّ «اليد الممدودة لإيران لن تظل كذلك لأجل غير مسمى»، وبعد ذلك «ستكون هناك مراجعة للحسابات»، موضحاً أنّه «لهذا السبب قررت مجموعة الثماني عقد اجتماع في منتصف أيلول في نيويورك على مستوى وزراء الخارجية في سبيل تقرير ما ينبغي فعله».
وتكهن فراتيني بأن تشمل هذه المناقشة السياسية في لاكويلا بشأن إيران «كل الخيارات، لكن القرار لن يتخذ في تمّوز وعلينا أن ننتظر بضعة أسابيع».

تعثّر اقتصادي

وفي ما يتعلق بالأزمة المالية العالمية المتفاقمة والانكماش الحاد في اقتصادات الدول الأعضاء، من المتوقع أن يوقّع زعماء المجموعة إجراءات رقابية جديدة بعيدة المدى، رُسمت خطوطها العريضة في نيسان الماضي، في قمة «جي 20»، مع ضمان ألا تؤدي الإجراءات إلى إشعال فتيل أزمة في المستقبل، من خلال زيادة الديون الحكومية، أو دعم الإجراءات الحمائية الاقتصادية.
ومن المرجّح أن تساند القمة اقتراحاً أميركياً من شأنه أن يطالب بـ«نهج منسّق» للمعونات الغذائية والتنمية. وفي هذا الصدد قال نائب مستشار الأمن القومي الأميركي للشؤون الاقتصادية الدولية، مايكل فرومان، إن الاقتراح والأموال المتضمنة فيه سيواصلان العمل على برنامج شراكة عالمي بشأن الأمن الغذائي، أطلق في اجتماع مجموعة الثماني العام الماضي في اليابان.

التحوّل إلى 14

تضم مجموعة الثماني الولايات المتحدة، كندا، إيطاليا، فرنسا، بريطانيا، ألمانيا، اليابان، وروسيا، وهي لا تؤلف منظمة دولية، إذ لا أمانة عامّة تنظيمية، إلا أنها تعقد قمتها دورياً، بمشاركة كل زعماء تلك الدول.
لكن في ضوء التغيّرات الاقتصاديّة والسياسيّة الدوليّة، وظهور العديد من القوى الإقليمية المؤثّرة في المجتمع الدولي، دعت ألمانيا، الرئيس الدوري للمجموعة عام 2007، بعض الدول الناشئة (جي 5) في إطار مشاورات سنوية.
وفي هذا الصدد، قال فراتيني إنّ «جي 8» ستصبح «جي 14» من خلال مشاركة تلك الدول ومصر، في ضوء أهمية توسيع المشاورات حول القضايا السياسيّة والاقتصاديّة الرئيسية، الأمر الذي يجب أن يكون من خلال مشاركة تلك الدول.
وأكّد أنّ استبدال قمّة «جي 8» بقمة « جي20» أمر غير ممكن حالياً. وقال: «قلنا إنّ مجموعة الثماني ستتوسع هيكلياً لتضم مجموعة الخمس التي ستصبح ستاً في ما بعد، لكننا لن نسميها مجموعة الـ14 بل «8 +5+1». وأضاف أنّه «سيتعين في ما بعد على الرئاسة الكندية المقبلة للمجموعة التقدم بخطوة أخرى إلى الإمام». وأكد مجدداً أنّه «لا يمكن الخلط بين مجموعة الثماني ومجموعة العشرين، لأنه أمر غير ممكن اليوم».
وأوضح أن «مجموعة العشرين تعنى بالقضايا ذات الآجال القصيرة والمتوسطة»، أما مجموعة الثماني «فتعنى بقضايا المدى الطويل أي الاستراتيجيات».

  • انقر للصورة المكبرة...

    انقر للصورة المكبرة...