خاص بالموقعمع تضاؤل احتمالات توجيه ضربة عسكرية إلى إيران، أطلقت الاستخبارات الإسرائيلية مشروع حرب على الإنترنت ضد هذه الدولة، يرجّح خبراء، أن يصبح بعد 10 سنوات، في طليعة الجهود الإسرائيلية لإحباط الطموحات النووية الإيرانية. واعترفت مصادر عبرية بأن الهجمات الإلكترونية، اكتسبت جاذبية خاصة، نظراً للإمكانات المتضائلة لشن غارات جوية تقليدية على المنشآت النووية الإيرانية، ونظراً لإحجام واشنطن عن تشجيع حرب مفتوحة جديدة في الشرق الأوسط.

وقال وزير إسرائيلي أمني متقاعد: «خلصنا إلى أن نقطة ضعف إيران الرئيسية تكمن في المعلومات الإلكترونية، وهو ما يفيد أغراضنا».

وممّا يؤهّل الدولة العبرية إلى هذا النوع من الحروب، امتلاك أجهزة استخباراتها فرقاً متخصصة في الحروب الإلكترونية، تتمتع بخبرة في تقنيات التخريب التقليدية، وهي محاطة رسمياً بسرية ورقابة ودعم.

وتستفيد القنوات الصهيونية من خبرة المؤسسات التجارية الإسرائيلية ذات التقنية العالية في العالم، وخصوصاً أن العاملين في هذه الشركات، هم في الوقت نفسه، من العناصر المخضرمة لدى الاستخبارات العسكرية في وحدات الكمبيوتر.

وعن قدرة تل أبيب على التعامل مع مشروع كهذا، يشير مدير «الوحدة الأميركية لتبعات الإنترنت»، سكوت بورج، إلى أنه «إذا حكمتُ من خلال تعاملي مع الخبراء الإسرائيليين في منتديات دولية متنوعة، يمكن اعتبار أن إسرائيل تتمتع بقدرات متقدمة لشن هجوم من خلال الإنترنت»، وخصوصاً أن معهد «تكنوليتيكس» الاستشاري الأميركي، صنّف دولة الاحتلال في العام الماضي، على أنها سادس أكبر «تهديد في حرب الإنترنت» بعد الصين وروسيا وإيران وفرنسا و«الجماعات المتطرفة والإرهابية».

وعن الكيفية التي يمكن أن تلجأ إليها إسرائيل لاستهداف إيران إلكترونياً، رأى بورج أنه من الممكن استخدام «البرامج الخبيثة» لإفساد أو إعطاب أو السيطرة على أجهزة التحكم في المواقع الحساسة مثل محطات تخصيب اليورانيوم.

غير أن بورج لفت إلى أنه «كون الأصول النووية لإيران ستكون في الغالب بمعزل عن أجهزة الكمبيوتر الخارجية، فلن يتسنى للقراصنة اقتحامها مباشرة». وعلى حد تعبير الرجل، فإنّه سيكون على الضباط الإسرائيليين «دس البرامج الخبيثة في البرامج التي يستخدمها الإيرانيون أو يزرعونها في أجهزة محمولة يدخلها فنيون من دون علم الإيرانيين»، جازماً بأنّ «وحدة تخزين بيانات متنقّلة (يو أس بي) واحدة ملوّثة، تكفي» للتسبب بالضرر الكبير.

وفيما رأى بورج أن حرب الإنترنت «لها ميزة السرية ويمكن إنكارها»، عاد ونبّه من أنه «يصعب قياس مدى فعّاليتها لأن الشبكة المستهدفة كثيراً ما تستطيع إخفاء حجم الضرر أو حتى إظهار أعراض زائفة للأضرار، بينما الغارات العسكرية لها تأثير مادي قابل للقياس الفوري».

ومن الأمثلة على الحرب الإسرائيلية الإلكترونية الموجهة إلى الجمهورية الإسلامية، حادثة رجل الأعمال الإيراني، علي عشتاري، الذي أعدمته إيران العام الماضي بعد اتهامه بالتجسس لحساب دولة الاحتلال، وإدانته بإمداد أحد المشاريع العسكرية السرية لإيران بمعدات اتصال ملوثة. ونقلت وسائل إعلام إيرانية في حينه عن مسؤول «رفيع» قوله إن ما فعله عشتاري «أدى الى إجهاض المشروع لتسبّبه بأضرار لا يمكن إصلاحها».

كذلك، كشف الصحافي في صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، جيمس ريزن، في كتابه «حالة حرب» عام 2006، عن خطّة لم تدم طويلاً وضعتها الاستخبارات المركزية الأميركية «سي آي إيه» والاستخبارات الإسرائيلية «الموساد»، لتدمير خطوط الكهرباء لإحدى المنشآت النووية الإيرانية باستخدام جهاز مهرب للذبذبات الكهرومغناطيسية.

كما لجأت الدولة العبرية إلى الأسلوب نفسه مع سوريا؛ فقد نسب توني سكينار من مجلة «جينز الدفاعية» إلى مصادر إسرائيلية قولها إن غارة موقع دير الزو في أيلول 2007، سبقها هجوم عبر الإنترنت عطّل أجهزة الرادار الأرضية السورية والبطاريات المضادة للطائرات.

(رويترز)