شدّد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، في خطابه الأخير في البرلمان، على أنّ «البرقع غير مرحب به» إلا أنّه بدءاً من نهاية هذا الشهر، فإن «التمويل الإسلامي مرحب به كثيراً»

باريس ــ بسّام الطيارة
أعلنت وزيرة الاقتصاد الفرنسيّة كريستين لاغارد الأسبوع الماضي أنّ فرنسا ترحب بالمصارف التي تود «القيام بعمليات مصرفية مطابقة للشريعة الإسلامية» وأن وزارة المال ستصدر تعليمات إدارية تسمح بتطوير «الأدوات المالية» المعروفة تحت تسمية «إجارة ومرابحة» لتوفير الإطار القانوني الذي من شأنه تطوير نظام الصيرفة الإسلامية في فرنسا.
ويُقصد بالإجارة كل عقد تضع بموجبه مؤسسة مالية أو مصرف، من طريق الإيجار، منقولات أو عقارات تكون معلومة ومحددة ومملوكة لها تحت تصرف أحد العملاء لاستعمال مسموح به قانوناً. أمّا المرابحة، فهي عمليّة تبادل عقود تقتني بموجبها إحدى المؤسسات المالية بناءً على طلب أحد العملاء، أصلاً منقولاً أو عقاراً لإعادة بيعه له بكلفة الشراء مع زيادة ربح معلوم يُتَّفَق عليه سابقاً.
وكانت باريس قد عدّلت بعض القوانين منذ مطلع السنة لتتلاءم والشريعة الإسلامية، بعدما تقدّم عدد من المستثمرين العرب بطلب ترخيص مصرف إسلامي. ويرى بعض المراقبين أن فرنسا تود اللحاق بلندن التي تمثّل المركز المالي الأوّل أوروبياً، والتي بدأت منذ أكثر من ثلاث سنوات بتشريع عمل المؤسسات الماليّة الإسلاميّة. وتحرّم الشريعة الإسلاميّة الفائدة الربويّة على أساس أنّ المال وحده لا يجب أن يولّد الربح، ومن هنا فإن الاستثمار المتوافق مع مبادئ الشريعة الإسلامية يحتّم، وخصوصاً في عمليات الشراء والبيع، توليد ربحية مساوية للفائدة في المصارف العامة، على أن تكون خاضعة للضريبة في كل مرحلة.
ويشهد قطاع الصيرفة الإسلاميّة نمواً واسعاً، ويبلغ حجمه نحو ٨٠٠ مليار يورو، ويتوقع أن يبلغ مجمل أعماله نحو تريليون يورو خلال سنوات، وفقاً لمعلومات عرضها مصرفيّ لـ«الأخبار»، تشير إلى وجود «قاعدة عريضة من الزبائن في فرنسا مهتمة بهذه الأدوات المالية». وتوضح معظم الاستطلاعات والدراسات وجود «جدوى اقتصادية» لإنشاء مصارف إسلامية، وأن عدداً متزايداً من أرباب العمل والمستهلكين الفرنسيين المسلمين مهتمّ بهذا الموضوع. وتقول إنّ نحو ٧٦ في المئة من عيّنة تشمل مهاجرين وفرنسيين من أصول مهاجرة يرغبون في فتح حسابات لدى مؤسسات مالية تعمل بنظام الصيرفة الإسلامية لشراء عقارات «من دون دفع فوائد تقليدية»، أي بنظام «الإجارة»، بينما يقول ١٧في المئة من المستطلَعة آراؤهم إنّهم يودون التوسّع في عملهم التجاري في حال تأسيس شركات الاعتماد على مؤسسات مالية إسلاميّة للحصول على تمويل، أي بنظام «المرابحة» عوضاً عن نظام القروض التقليدي.
وقد بدأت بعض الجامعات ومدارس التجارة باعتماد مناهج تشمل مواد «التمويل الإسلامي»: فبعد معهد ستراسبورغ، عمدت جامعة «بورت دوفين» الشهيرة في مجال التخصص بالتجارة إلى استحداث شهادة مجاز (ماستر) تحمل اسم «مبادئ التمويل الإسلامي وتطبيقاته».
وبالطبع، رغم كل هذا، يظل الحجاب ممنوعاً في المدارس والجامعات الفرنسية، لكن سيكون مرحباً به في المصارف والمؤسسات المالية، وخصوصاً في موسم الصيف حين يتدفّق السيّاح من الخليج ويتوزعون على أرصفة جادات باريس لاختيار مصرف يضعون فيه أموالهم «الحلال» قبل إعادة صرفها في المخازن الفرنسية.