يبدو موقف الرئيس الأميركي، باراك أوباما، من قضية الصحراء الغربية داعماً لاقتراح إقامة دولة خاصة لـ«جبهة البوليساريو» على حساب «خطة الحكم الذاتي» التي يؤيدها المغرب
واشنطن ــ محمد سعيد
يعتقد دبلوماسيون عرب وغربيون أن الرئيس الأميركي باراك أوباما، قد تخلّى عن سياسة جورج بوش إزاء حلّ قضية الصحراء الغربية، إذ بات أقرب إلى تبنّي إقامة دولة لجبهة البوليساريو، مع ما يعنيه ذلك من تخلّ عن خطة الحكم الذاتي المغربية التي تبنّتها إدارة سلفه. وجاءت هذه التكهنات في وقت تستعد فيه الحكومة المغربية والبوليساريو لاستئناف مفاوضات غير رسمية بينهما في نهاية الشهر الجاري في العاصمة النمساوية فيينا، بإشراف الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة المكلف بملف الصحراء الغربية، كريستوفر روس، وتهدف إلى تعبيد الطريق أمام جولة جديدة من المفاوضات الرسمية التي توقفت في آذار 2008 بسبب اتساع الخلاف بين الجانبين.
وقالت مصادر دبلوماسية إن البيت الأبيض لم يعد يرى ضرورة الالتزام بخطة الحكم الذاتي للصحراء الغربية. وبدلاً من ذلك فإن ادارة أوباما قد عادت إلى الموقف الذي «يعتقد بإمكان إقامة دولة للبوليساريو في الصحراء الغربية».
وأوضحت المصادر ذاتها أن ادارة أوباما عبرت عن توجهها الجديد عبر الطلب من وزارة الخارجية الأميركية ترجمة جهود الوساطة التي تجريها الأمم المتحدة بين المغرب والبوليساريو باعتبارها تتضمن خيار إقامة دولة للبوليساريو في الصحراء الغربية التي يسيطر المغرب الآن على 80 في المئة من أراضيها. وهو ما يعكس تناقضاً مع مجلس الأمن الذي أكد في تقريره في عام 2008 أن مطلب البوليساريو باستقلال الصحراء الغربية غير ممكن. كذلك ظهر تراجع البيت الأبيض عن موقف بوش السابق في الرسالة التي كان بعثها أوباما إلى الملك المغربي محمد السادس في شهر حزيران الماضي، وكشف عنها أوائل الشهر الجاري. وتطرق أوباما في الرسالة إلى قضية الصحراء الغربية، وقال «إنني أعتبر كما هو الشأن بالنسبة إليكم أن المفاوضات التي تجرى تحت إشراف الأمم المتحدة تشكل الإطار الملائم الذي من شأنه أن يفضي إلى حل يحظى بالقبول المتبادل. حل يستجيب لحاجيات السكان في ما يخص الحكومة الشفافة والثقة في دولة القانون وإدارة عادلة ومنصفة». وأضاف «إنني أدرك الأهمية التي تكتسيها قضية الصحراء الغربية بالنسبة لكم، ولمملكتكم ولجميع السكان الذين عانوا بسبب هذا النزاع. وأتمنى أن يتمكن كريستوفر روس، الدبلوماسي المحنك الذي يمتلك تجربة واسعة بالمنطقة، من تعزيز حوار بناء بين الأطراف». وخلافاً لسلفه بوش، فإن أوباما لم يذكر في رسالته عبارة التأييد لخطة الحكم الذاتي المغربية. كما أنه بعد مضي أيام على تلك الرسالة، زار روس الرباط وضغط من أجل تنازلات من طرف واحد يقدمها المغرب لمصلحة البوليساريو، التي كانت قد هددت بتجديد الحرب على المغرب. كما حثّ الحكومة المغربية على قبول طلب البوليساريو لتخفيف الإجراءات الأمنية في الصحراء الغربية كشرط لاستئناف المفاوضات.
أمام هذه التحولات، أشارت المصادر إلى أن الحكومة المغربية، التي سعت إلى إقناع حلفائها، مثل فرنسا وحكومة بوش، بأن دولة بقيادة البوليساريو قد تصبح ملاذاً آمناً للجماعات المسلحة المعادية للولايات المتحدة بما فيها «القاعدة»، «باتت تشعر بقلق بالغ إزاء تراجع الولايات المتحدة. وهو ما يفتح المجال للتساؤل عما إذا كان أوباما شخصياً ملتزماً بأي شيء كان قد حظي بموافقة سلفه».