strong>تخلّص أوروبا من التبعيّة للغاز الروسي يعني دفعاً لانضمام تركيا إلى اتحاد القارّة العجوز. هكذا بدا المشهد أمس، لدى توقيع ممثّلي أنقرة وبروكسل على اتفاقية مشروع أنبوب الغاز الضخم «نابوكو»
تسعى البلدان الأوروبيّة جاهدة إلى التخلّص من التبعيّة للغاز الروسي، الذي يمثّل نحو 25 في المئة من احتياجاتها الطاقويّة. السبب هو أنّ الطاقة يمكن أن تتحوّل سلاحاً سياسياً (إلى جانب مفاعيله الاقتصاديّة طبعاً) جرّبته موسكو خلال الأعوام الأخيرة ومسّ الحياة اليوميّة للمواطنين الأوروبيّين. المسألة كانت دائماً الخلافات مع أوكرانيا وضرورة «تربية» الأخيرة عبر قطع الإمدادات، غير أنّ بروكسل وعت ضرورة خفض الاعتماد على الجار الشرقي وتنويع المصادر.
الحلّ كان أنبوب النفط الضخم «نابوكو»، الذي يبشّر الأوروبيّين بعد بدء عمليّاته في عام 2014 بأن يؤمّن لهم الغاز من العراق ومصر وسوريا وتركمانستان، فيما أذربيجان وكازاخستان لم تحسما خيارهما بعد. قطر قد تشارك عبر شحن غازها المسيّل وحتّى روسيا قد يصبح لديها حصّة. غير أنّ إيران ستكون مستثناة بحكم الفيتو الأميركي وضرورة تحسين العلاقات مع الغرب قبل الدخول في مشاريع كبرى كهذه.
يوم أمس شهد تطوّراً لافتاً على صعيد مستقبل «نابوكو» والطاقة في أوروبا. فقد وقّعت تركيا على اتفاقيّة الأنبوب الذي سيمرّ في أراضيها. وبعد التوقيع الذي تمّ في أنقرة بحضور المفوّض الأوروبي، خوسيه مانويل باروزو، قال رئيس الوزراء التركي، رجب طيّب أردوغان، إنّ «تركيا شريكٌ مهمّ في السياسات الطاقويّة للاتحاد الأوروبي. وإذا نظرتم فقط من منظور الطاقة، يبدو واضحاً أنّ تركيا يجب أن تكون عضواً في الاتحاد الأوروبي».
والسبب الكامن وراء هذا الاستنتاج البديهي، يقول أردوغان، هو أنّه «مع المشروع ستدمج بنيتنا التحتيّة الخاصّة بالغاز مع تلك الأوروبيّة، ويصبح متاحاً حينها التضامن المتبادل في أوقات الأزمات».
وتضاعف أنقرة جهودها للانضمام إلى النادي الأوروبي الذي يضمّ 27 دولةً. غير أنّ تلك الجهود تصطدم تارة بأهواء الزعماء الأوروبيّين، الذين يعتبرون أنّ بلاد أتاتورك ليست جاهزة بعد للانضمام، وتارّة أخرى تتوقّف بفعل الخصوصيّة التركيّة في القارّة الأوروبيّة نظراً إلى سيطرة الدين الإسلامي على الجزء المؤمن من مجتمعها.
وفي هذا السياق، قال أردوغان، وفقاً لما نقلته وكالة «رويترز»، «أريد أن أذكّركم بأنّه في إطار مفاوضات الدخول إلى الاتحاد الأوروبي، حقّقنا تقدّماً كبيراً في عمليّة موازاة سوقنا الطاقويّة مع المعايير الداخليّة لسوق الاتحاد الأوروبي».
ويتّضح من الأجواء التي سادت في أنقرة أمس، أن «نابوكو»، الذي سيبلغ طوله 3300 كيلومتر وتبلغ كلفته 8 مليارات يورو، سيشكّل بالفعل دفعة لتركيا كي تدخل إلى أوروبا. ويبدو أنّ هذا المشروع بدأ يتبلور فعلاً نحو بدء عمليّات البناء في عام 2011.
فباروزو أكّد أنّ المشروع «قد يفتح الباب لحقبة جديدة في العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي وما بعدها». كما شدّدت المفوّضيّة الأوروبيّة، في بيان، على «الدور الأساسي» الذي تقوم به تركيا «والمصلحة الاستراتيجيّة المشتركة في تمتين التعاون».
(الأخبار)