واشنطن ــ محمد سعيداعتقلت سلطات الأمن الأميركية خلال عملية سرية نفّذها مكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي) 44 شخصاً، بينهم حاخامات يهود مقرّبون من حزب «شاس» الإسرائيلي ومسؤولون في منظمات وجمعيات خيرية ودينية يهودية في ولايتي نيوجيرسي ونيويورك الأميركيتين، بتهم تبييض الأموال وبيع أعضاء بشرية والحصول على رشوة والتحايل على القانون.
وقد شملت الاعتقالات مجموعة مسؤولين في مناصب عامة ومرشحين لعضوية مجالس بلديات ورئاسة بلديات وأعضاء مجالس تشريعية محلية وشركاء لهم، حصلوا على رشى مقابل تعهدات بالمساعدة على منح أولوية لمشروعات وإرساء عقود على الشاهد في القضية.
وقد اتهمت السلطات في ولاية نيويورك الحاخام ليفي اسحاق روزنباوم، بممارسة مهنة سمسار لتوفير الأعضاء البشرية من دون ترخيص قانوني من السلطات الأميركية، حيث عرض على عميل سري يعمل في مكتب التحقيقات الفيدرالي وشاهد آخر، توفير الكلية البشرية مقابل حصوله على 160 ألف دولار ليحقق ربحاً صافياً قدره 150 ألف دولار. وتشير لائحة الاتهام إلى أن الحاخام روزنباوم باع أعضاءً أخرى.
وتقول أوراق القضية إن الشبكة، التي تتكون في معظمها من حاخامات يهود مقربين من حزب «شاس»، يقومون بعمليات تزييف لبضائع وغسيل أموال في بنوك إسرائيلية وسويسرية.
وجاءت حملة الاعتقالات في أعقاب عمل استخباراتي واسع نفّذه الـ«أف بي أي» خلال العامين الماضيين على أثر معلومات حصلت عليها من إسرائيلي، وكشف نشاط شبكة دولية واسعة للغاية مع فروع في الولايات المتحدة وإسرائيل وسويسرا أسهمت في تبييض أموال وتقديم رشى والمتاجرة بالأعضاء.
وتشير أوراق القضية إلى أن الشبكة يتزعمها الحاخام إلياهو بن حاييم، الذي درج على تلقّي شيكات من جهات مختلفة، يصل مبلغ كل واحد حتى 160 ألف دولار، وتودع مباشرة في صناديق معاهد دينية يهودية (ييشيفاة) وكُنُس وجمعيات خيرية. وبحسب المحكمة فإن الشخص الثاني في حلقة تبييض الأموال هو مواطن إسرائيلي ساعد بن حاييم على تبييض الأموال، وتوسّط بينه وبين جهات طلبت تبييض أموالها.
وقد تبين أن علاقات واسعة تربط بن حاييم بعائلة الزعيم الروحي لحزب «شاس»، الحاخام عوفاديا يوسف. ودرج بن حاييم على زيارة إسرائيل بين حين وآخر مع وفد من أغنياء جاليته للتبرّع بأموال للحاخام يوسف، ومؤسسات توراتية تابعة لشاس. وتبيّن لمحقّقي الـ «أف بي أي» أنه إضافةً إلى بن حاييم، هناك حاخامات آخرون ضالعون في عملية الاحتيال.
وقد تحولت حلقة الحاخامات عملياً إلى بنك كبير ومطلوب لتنفيذ عمليات تبييض أموال، فيما هم يستفيدون من حقيقة أن كُنساً ومنظمات دينية تحظى بتسهيلات في الضرائب وحرية نسبية للعمل بعيداً عن أعين الـ «أف بي أي». وتبيّن من وثائق الشرطة أن الحاخامات نفّذوا خلال العامين الماضيين آلاف عمليات تبييض الأموال غير القانونية.
وقال نائب المدعي في ولاية نيوجيرسي رالف مارا، إن الحاخامات عملوا مثل رؤساء (عصابات) مافيا بالغة التنظيم وبات الفساد أسلوب حياة بالنسبة إليهم. وقدّر محققو الـ «إف بي آي» أن حجم تبييض الأموال بلغ ثلاثة ملايين دولار، فيما قال مصدر آخر في الشرطة إن الحجم يصل إلى عشرات ملايين الدولارات.