باريس ــ بسّام الطيارةيستعد العالم خلال شهرين لاستقبال وباء «أنفلونزا إيه إتش ١ إن ١». بدأت بعض الدول الاستعداد لهذه الموجة الوبائية ليس فقط بشراء ملايين الجرعات من اللقاح لإطلاق حملة تطعيم في الخريف، بل بوضع خطط لتنظيم مجتمعاتها لاستيعاب صدمة موجة الوباء، وتخفيف تأثيرها في مسيرتها، وخصوصاً من الناحية الاقتصادية.
ويصادف الخريف فترة «عودة تجمعات الأفراد» التي تنتج من عودة الحياة إلى المدارس والجامعات والتجمعات الثقافية، ما ينبئ بانتشار مكثف لوباء الأنفلونزا، مع خوف كبير من «تغيّر إحيائي للفيروس» يطوّره ويبدّل خصائصه، بحيث يبطل تأثير اللقاح المتوافر حالياً.
ووضعت السلطات الفرنسيّة خطة سرية لمواجهة الأنفلونزا، وهي حسب أحد الخبراء «مستلهمة من خطط سابقة وضعت إبان الحرب الباردة لمواجهة هجوم نووي» سوفياتي.
ولا تكتفي السلطات الصحية الفرنسية بحملة تلقيح شاملة بل تستعد لـ«تنظيم حياة مواطنيها» وإدارتها بطريقة تؤدّي إلى «محاصرة الوباء».
وجرى تفعيل «خطط دفاع مدني» قديمة وتكييفها لمحاصرة الوباء ومنعه من التأثير في الدورة الاقتصادية. أولاً، من الناحية التنظيمية الصحية، فقد وزّعت اللقاحات في مراكز منتشرة على جميع الأراضي الفرنسية، وباتت في عهدة الجيش المسؤول عن توزيعها «وحمايتها». كذلك أنشئت شبكة على الإنترنت بين الأطباء والممرضات، بحيث يجري تقاسم العمل وتوجيه المصابين من دون فوضى وتشابك في الصلاحيات. كما وزعت الأقنعة الواقية واعتُمد في ذلك على شبكة المصارف ومراكز البريد، بحيث يمكن إيصالها إلى ٦٦ مليون مواطن في «أقل من ٤٨ ساعة».
كذلك جرى الإعداد لمعالجة الغياب عن مراكز العمل بسبب الإصابة بالأنفلونزا وذلك عن طريق تشجيع «العمل عن بعد»، أو «التغييب القسري» مثل إقفال المدارس والجامعات. لذا فقد نشط «المركز الوطني للتعليم عن بعد»، ووضع مناهج خاصة تبدأ بالبث بعد أسبوع من إعلان «حالة الوباء بالدرجة السادسة». كذلك ستمنع مختلف أنواع التجمعات الرياضية أو الفنية وتقفل الحدائق والملاهي والمتاحف، وسيخفّف استعمال المواصلات العامة، إضافةً إلى جعل ارتداء القناع الواقي إجبارياً فيها.
أيضاً فإن المنع سوف يشمل التجمعات بكل أشكالها، حتى العائلية منها، مثل حفلات الزفاف وما شابه، وبالطبع فإن المنع يشمل التظاهرات والمسيرات، ما يعرقل خطط النقابات التي كانت تستعد لخريف نضالي يسلط الأضواء على الأزمة وانعكاساتها على العمال وذوي الدخل المحدود.


أنشأت الحكومة الفرنسية لجنة طوارئ تضم وزراء الداخلية والصحة والدفاع، وتعمل بإشراف رئيس الوزراء فرنسوا فيون (الصورة) لإدارة الأزمة. واشترت ١٠٠ مليون جرعة لقاح بقيمة ٨٠٠ مليون يورو، واستندت إلى قوانين الطوارئ الصحية لتضع يدها على كامل مخزون اللقاحات في السوق. وعمّمت بأنه «يوجد لقاح لكل مقيم على الأراضي الفرنسية»، إلا أنها لن تعمد إلى «جعل التلقيح إجبارياً»