باريس ــ بسّام الطيارةرغم تأكيد المصادر الطبيّة أن «العارض الصحي» الذي أصاب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، أول من أمس، هو «نتيجة نشاط مفرط لعصب ضبط وتيرة نبض القلب، وأن هذه الحالات لا تمثّل خطراً على الحياة»، فإنّ هذا «العارض البسيط» يُحدث خدشاً في الصورة التي أراد ساركوزي دائماً إبرازها لشخصه. فرمزية الرئيس الرياضي، الذي يمارس الجري أو قيادة الدراجات، كانت أداة من أدوات عملية تسويق نفسه قبل الحملة الانتخابية وخلالها للوصول إلى الإليزيه. وهي جاءت في خضمّ تجاذب على الترشّح مع الرئيس السابق جاك شيراك، الذي كان قد تعرّض في أيلول ٢٠٠٥ لجلطة صغيرة في شرايين الرأس استدعت إدخاله مستشفى لمدة أسبوع. كما أن ساركوزي كان قد وعد خلال حملته الانتخابية بنشر تقارير دورية عن حالته الصحية، وهو ما فعله مرة واحدة فقط بعد خمسة أيام من تسلّمه الحكم، وحلّت صوره في الصحافة وهو يمارس الرياضة في محيط الإليزيه محل التقارير الموعودة، إلى أن كشف كتاب صدر في بداية ٢٠٠٨ أنه دخل سراً إلى المستشفى بعد ٥ أشهر من انتخابه لإجراء عملية جراحية في الحنجرة، وهو ما لم يعلّق عليه القصر الجمهوري، وظلت «صور الرياضي الديناميكي» تشير إلى صحة الرئيس الجيدة في غياب التقارير الموعودة. إلا أنه قبل ثلاثة أسابيع، وبعد سنتين من الصمت المطبق، نشرت الرئاسة تقريراً صحياً مقتضباً، ذكر أن ساركوزي «خضع لفحوص شملت القلب والشرايين والدم». وأضاف إن نتائجها «طبيعية»، وهو ما أثار استغراب المراقبين، وخصوصاً بعد حادثة يوم الأحد.
ويتابع الفرنسيون باهتمام صحة رئيسهم منذ أن توفي الرئيس بومبيدو وهو في الحكم عام ١٩٧٤ بعدما «أخفى خبر مرضه بنوع من اللوكيميا» أشهُراً. وتأتي أهمية المتابعة بسبب نوعية نظام الحكم الرئاسي «شبه الملكي» في فرنسا، الذي كان هذا وراء إخفاء الرئيس فرنسوا ميتران خبر إصابته بالسرطان لسنوات عديدة قبل إعادة انتخابه.
وبالنسبة إلى ساركوزي فهو، إضافةً إلى «زيادة حدة التوجه الرئاسي» في حكمه، جعل من «ديناميته ونشاطه الحيوي الباهر» صفة ملازمة لممارسته السياسية اليومية، التي جعلت المواطنين الفرنسيين والإعلام «يلهثون» وراء متابعة أخبار التغيّرات السريعة التي فرضها. ومنذ أشهر تغير الرئيس ساركوزي وتوقف عن «الشجار السياسي». ويقول البعض إنه «هدأ وبدأ يلبس لباس الرئاسة». وبالتالي فاهتمام المواطنين بصحة رئيسهم، بعدما ثبت أنه «مثله مثل أي إنسان» يدخل المستشفى، سوف يكون بمثابة استفتاء على ما إذا كانوا يحبّذون ساركوزي الهادئ أم ساركوزي المتوتر؟


غادر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي (الصورة)، أمس، مستشفى فال دو غراس في باريس، سيراً على الأقدام. وأفاد مراسل لوكالة «فرانس برس» أن ساركوزي خرج من المبنى مبتسماً ويرتدي بدلة سوداء وممسكاً بيد زوجته كارلا بروني ــ ساركوزي قبل أن يصعد إلى سيارة. ومن المقرّر أن يتوجه ساركوزي غداً (الأربعاء) في إجازة يقضيها في منزل زوجته في جنوب البلاد، بعدما أوصاه الأطباء بالراحة.
(أ ف ب)