المعارضة تزور اليوم قبور قتلى المواجهات والقضاء يفرج عن «معظم المعتقلين»يبدو أن معركة الرئيس الإيراني محمود أحمدي ضد الإصلاحيين، قد أضيفت إليها مواجهة مع معسكره المحافظ نفسه، بعدما وصلت الأمور به إلى محاربة الجميع، بمن فيهم المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي
تعرّض الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، أمس، لانتقادات عنيفة من معسكره المحافظ، على خلفية تمسّكه بتعيين أحد أقاربه، أسفنديار رحيم مشائي، في منصب النائب الأول للرئيس، متجاهلاً دعوة المرشد الأعلى للثورة علي خامنئي إلى عدم تعيينه، في وقت من المقرّر فيه أن تجتمع المعارضة اليوم في مقبرة «بهشتي زهراء» لإحياء ذكرى مرور أربعين يوماً على سقوط قتلى الأحداث الأخيرة التي شهدتها إيران.
وشنّت الصحف الإيرانية المحافظة أمس هجوماً على نجاد، الذي دعته صحيفة «يا لثارات الحسين» الأسبوعية إلى «تقديم اعتذارات إلى الشعب» لأنه تأخر في تنفيذ أوامر المرشد. وقالت «أدلينا بأصواتنا لكم بسبب وفائكم الثابت للمرشد الأعلى لكننا رأينا في الأسابيع الأخيرة تصرفات من جانبكم تثير الشكوك في كل ذلك». كما انتقدت الصحيفة إقالة وزيري الاستخبارات والثقافة، مشيرةً إلى أنهما «معروفان بولائهما للمرشد»، محذّرة من أنه «إذا استمر ذلك، فسنطلب منكم إعادة أصواتنا لأننا لم نصوّت لشخص بل لمبادئ الثورة والوفاء للمرشد الأعلى».
بدورها، وجهت «جمعية المهندسين المسلمين» المحافظة، التي يرأسها نائب رئيس مجلس الشورى محمد رضا باهونار، رسالة انتقدت فيها قرار نجاد تعيين مشائي نائباً أول له، معتبرةً إياه إشارة إلى عدم انصياعه لخامنئي، وطالبته «بإثبات جدّي لطاعته للمرشد».
كذلك، ذكرت صحيفة «سرمايه» أن التلفزيون الحكومي انضم إلى المحتجّين على «التعيينات والصداقات الغريبة التي تربط بين نجاد وأشخاص أمثال مشائي»، من دون أن توضح كيفية انضمامه.
من جهة ثانية، قال نائب ممثل المرشد الأعلى في قوات حرس الثورة الإسلامية، مجتبى ذو النوري، إن «تخريب ولاية الفقيه (التي يمثلها خامنئي)، هو سيناريو مخطط له مسبقاً، حيث إن المخططين أوكلوا لعناصر داخلية أدواراً حسب الخدمات التي يقدمونها إلى أسيادهم، وإن أحد العناصر الرئيسية في الفتنة الأخيرة أعلن صراحةًَ بالقول: إننا من خلال الإتيان بجموع من الناس إلى الشوارع وصلنا إلى ما كنا نصبو إليه وهو الإساءه إلى ولاية الفقية».
وفي السياق، تبدأ إيران بعد غد السبت، محاكمة نحو عشرين «مشاغباً» أوقفوا في تظاهرات الاحتجاج على إعادة انتخاب نجاد رئيساً. وأفادت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا) أن هؤلاء، وبينهم عناصر تابعون لتنظيم «مجاهدي خلق» الإيراني المحظور، يواجهون «تهمة تخطيط وتنفيذ أعمال تخريبية لزعزعة الأمن والاستقرار في البلاد من خلال زرع القنابل وحيازة أسلحة وقنابل يدوية وشنّ هجمات مبرمجة ضد قوات الشرطة والتعبئة والجامعات والمراكز العسكرية وإرسال صور إلى وسائل إعلام العدو والتحريض للقيام بأعمال شغب وإلحاق الضرر بالأموال العامة». وأضافت إنه ستجري محاكمة الشخصيات السياسية التي حرّضت على تنفيذ أعمال شغب واضطرابات في مراحل لاحقة.
وأعلن المدعي العام، قربان علي دري نجف ابادي، أمس، أن جزءاً كبيراً من المتظاهرين المحتجزين سيفرج عنه مع حلول يوم غد الجمعة، فيما ذكر متحدث باسم الهيئة القضائية، أن القيادي الإصلاحي المقعد، سعيد حجاريان، سيكون من بين المُفرج عنهم.
وقالت «ارنا» إنه «جرى التعرف إلى شبكة مرتبطة بالجهاز الإعلامي في حركة تمرد وكان هدفها التقاط الصور وإرسالها»، موضحة أن «شخصين (إعلاميين) هما مجيد سعيدي وساتيار امامي، أُوقفا في تموز، وأقرّا بعلاقتهما بالحركة. بعد إرسالهما صور أعمال الشغب في طهران إلى وسائل إعلام أجنبية».
في هذا الوقت، أعلن القياديان الإصلاحيان المعارضان، مير حسين موسوي ومهدي كروبي، أنهما سيزوران اليوم الخميس إلى جانب عائلات الضحايا، قبور القتلى في «بهشتي زهراء» جنوب طهران، حسبما ذكر موقع «اعتماد مللي» التابع لحزب كروبي، الذي أكد أن هذه الزيارة أتت «بعدما رفضت وزارة الداخلية منح ترخيص لإقامة حفل تأبين بمناسبة الذكرى الأربعين لقتلى حوادث 20 حزيران في المصلى الكبير في طهران».
بدوره، انتقد رجل الدين الإيراني المنشق، آية الله حسين علي منتظري، المسؤولين لوفاة متظاهرين في السجون. وقال، في رسالة وجّهها إلى قادة المعارضة، إن «المعتقلين في السجون يُجبرون على الإدلاء باعترافات تحت التعذيب، وكل يوم تُسلّم جثة إلى أهلها».
وفي الرسالة التي حملت لهجة حادة، سأل النائب السابق لمؤسس الجمهورية الإسلامية، الإمام روح الله الموسوي الخميني، السلطات الإيرانية «ما الجريمة التي ارتكبوها، فهم لم يفعلوا إلّا التظاهر سلمياً ضد المخالفات الكبيرة والتزوير في الانتخابات». وتساءل «هل إنشاء حرس الثورة والميليشيا الإسلامية (الباسيج) كان الهدف منه قتل الإخوة وقمع الناس؟»، معرباً عن «قلقه الكبير». وطالب المسؤولين باللجوء «إلى العقلانية والشريعة الإسلامية قبل أن تتفاقم هذه الأزمة».
إلى ذلك، بدأت أمس في ميناء أنزلي في بحر قزوين، أول مناورات بحرية مشتركة بين إيران وروسيا بهدف تعزيز الأمن الملاحي ومكافحة التلوث البحري. وقالت وكالة «مهر» للأنباء إن أول مناورات بحرية مشتركة بين إيران وروسيا بدأت تحت شعار «بحر قزوين: نظيف وأمين في ظل التعامل الإقليمي».
(أ ف ب، يو بي آي، إرنا، رويترز)