في إطار الأنشطة التي تسبق مؤتمر الأمم المتحدة في كوبنهاغن في كانون الأول المقبل، حذّر تقرير التنمية المستدامة من تداعيات التغيّر المناخي في سورياوجّه الجفاف ضربة قاسية إلى شمال سوريا، حيث أدى التغيّر المناخي إلى تهجير السكان في 160 قرية، بحسب تقرير دولي حذّر من أن ما يجري قد يُشعل «حروباً بيئية» في الشرق الأوسط بشأن موارد المياه، ما قد يثني إسرائيل عن أي انسحاب من الأراضي العربية المحتلة.
وأكد تقرير للمعهد الدولي للتنمية المستدامة أن «موجة الجفاف في عامي 2007 و2008 وجهت ضربة قاسية إلى المناطق الريفية في سوريا»، مشيراً إلى أن «160 قرية في شمال شرق البلاد قد خلت بأسرها من سكانها».
ونبّه التقرير، الذي موّلته الدنمارك، إلى عواقب التغيير المناخي، كانخفاض الاحتياط المائي وازدياد انعدام الأمن الغذائي بالإضافة إلى تسارع الهجرة الريفية وتفاقم الفقر في الشرق الأوسط.
وأكد أولي براون، وهو أحد معدّي التقرير، لوكالة «فرانس برس»، أن الاحتباس الحراري يمثّل أيضاً «تهديداً حقيقياً للأمن في المنطقة، إذ إنه يؤدي إلى تسارع التنافس وعسكرة الموارد الاستراتيجية، ويعرقل أي تسوية للسلام»، وخصوصاً بين سوريا وإسرائيل.
وأوضح أن الدولة العبرية «تتذرّع بالتغيّر المناخي لتبرير السيطرة على المصادر المائية في المنطقة» في الجولان وغور الأردن.
وحذّر التقرير من أن دول المشرق تُصدّر «أقل من 1 في المئة من الانبعاثات العالمية لثاني أوكسيد الكربون»، ما يمكن أن «يؤجج الاستياء تجاه الدول الغربية»، التي ينظر إليها على أنها «المسؤولة الأساسية عن التسخين المناخي».
وتكشف الدراسة، من جهة أخرى، عن الصعوبات المتعلقة بالإحصاءات السكانية، التي تفيد بأن «عدد السكان في بلاد الشام سيرتفع من 42 مليون نسمة في 2008 إلى 71 مليون نسمة في 2050»، مع ما يمكن أن يترتب على ذلك من ازدياد الطلب على الماء والغذاء والسكن وفرص العمل.
ويقول السفير الدنماركي لدى دمشق، أولي إيغبرغ ميكلسين، إن «هذا التقرير يندرج في إطار الجهد الشامل لتحفيز الوعي بشأن التغيير المناخي والبحث عن بدائل جديدة».
وتعاني سوريا من شحّ المياه إلى جانب التصحّر والرعي الكثيف وسوء إدارة الأراضي الزراعية، ما يسبب انحسار الأراضي وازدياد الطلب على الري.
وأشار خبير التصحّر فايز أصفري إلى أن «13 في المئة من الأراضي الزراعية انحسرت بين 1980 و2006 بسبب المراعي والتوسع العمراني والنشاطات الصناعية والسياحية».
ويقدّر المعهد الدولي المستقل، ومقرّه كندا، أن ارتفاع حرارة الأرض بوتيرة معتدلة قد ينتج منه انخفاض بنسبة 30 في المئة من مياه نهر الفرات (الذي يعبر تركيا وسوريا والعراق) وجفاف البحر الميت بنحو 80 في المئة عند نهاية القرن.
وتخضع غالبية المدن السورية باستمرار لتقنين في المياه، بينما تشهد البلاد أكبر موجة جفاف تتعرض لها منذ أربعين عاماً.
وفي ما يتعلق بالصراع السوري الإسرائيلي، قال التقرير إن بواعث القلق الإسرائيلية بشأن «الأمن الغذائي وانخفاض الإنتاج الزراعي قد تغيّر الحسابات الاستراتيجية بشأن إمكان الانسحاب» من مرتفعات الجولان، التي احتلتها في حرب عام 1967. لذلك، توقعت الدراسة «حروباً بيئية مقبلة، قد يعني ضمنياً أن طريقة التعامل مع تضاؤل الموارد هي زيادة السيطرة العسكرية عليها».
وفي ما يتعلق بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني، أوضح التقرير أن ارتفاع مستوى سطح البحر نتيجة التغيّر المناخي، يهدّد بتلويث الخزان الجوفي الوحيد في غزة، فيما تسحب إسرائيل المزيد من المياه من معظم الخزّانات الجوفية، التي تشترك فيها مع الضفة الغربية، وتقيّد استخدام الفلسطينيّين للمياه.
وبالنسبة إلى الساحل اللبناني الذي يمثّل 60 في المئة من النشاط الاقتصادي في البلاد، قال التقرير إنه «عرضة للغرق والتآكل مع ارتفاع مستوى سطح البحر».
(أ ف ب، رويترز)