وضعت الانتخابات الرئاسية في إيران حكومة الرئيس نجاد وسياساته الاقتصادية والخارجية أمام مقصلة الرأي العام الداخلي والخارجي، بعد إعلانه الحرب على طبقة سياسية نافذة
طهران ــ محمد شمص
أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية، أمس، أنها ستدرس أي دعوة رسمية يتلقّاها السفراء الإيرانيون ورؤساء البعثات في الخارج من واشنطن، للمشاركة في مراسم اليوم الوطني الأميركي.
ونسبت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا) إلى وزارة الخارجية قولها إنها «ستدرس أي دعوة رسمية يتلقّاها أيّ من المسؤولين والسفراء الإيرانيين من جانب الولايات المتحدة للمشاركة في مراسم اليوم الوطني الأميركي».
في غضون ذلك، جدّد الرئيس محمود أحمدي نجاد التشديد على نجاح الدبلوماسية الإيرانية في السنوات الأربع الأخيرة، رغم اتهامات خصومه له بتعكير صفو العلاقات مع الخارج والإساءة إلى كرامة إيران. وقال، خلال آخر مناظرة تلفزيونية مع منافسه في معركة الرئاسة الإيرانية محسن رضائي، إن «إيران أحبطت بحكمة قيادتها وصمود شعبها الحرب الأميركية المفترضة ضدها، ويشهد على نجاح دبلوماسيتها دعوات واشنطن لها اليوم للمساعدة والتعاون في حلّ مشاكل المنطقة».
وفي شأن النظام الاقتصادي وإدارة البلاد، دافع نجاد عن منظومته الاقتصادية و«نجاحها»، منتقداً دعوة رضائي إلى الفدرالية لجهة إدارة المحافظات في المجال الاقتصادي، على غرار التقسيمات العسكرية والأمنية. ورأى أن هذا الطرح بمثابة «شعارات نظرية فاشلة بسبب مغايرتها الواقع السياسي والاجتماعي والثقافي، واصطدامها بعوائق عديدة، أهمها البيروقراطية وسوء الإدارة المستشرية في المؤسسات».
وفي مدينة ساري في محافظة مازندران (شمال إيران)، دحض نجاد، أمام حشد من مؤيّديه، «ادعاءات» المرشحين الثلاثة المنافسين، رضائي ورئيس الحكومة الأسبق مير حسين موسوي ورئيس البرلمان السابق مهدي كروبي، الذين يستشعرون الخطر على البلاد بوجوده، مشدداً على أنه «لا خطر يواجه إيران، بل هي مصالح بعض أصحاب الثروة والسلطة الجشعين»، في إشارة ضمنية إلى رئيس مجلس خبراء القيادة علي أكبر هاشمي رفسنجاني وحلفائه الذين اتهمهم بالفساد.
وتساءل نجاد «أليس نهب أموال الناس واحتكار الثروة ونقض العدالة الاجتماعية خطراً يهدد البلاد؟». وردّ على منافسيه المتفائلين بعدم التجديد له ومغادرته السلطة بالقول «تأكدوا أن عصابات الثروة والسلطة هم الذين سيغادرون إلى غير رجعة».
في المقابل، اتهم رضائي نجاد، خلال المناظرة، بالاستخفاف بالتهديدات الأميركية بتوجيه ضربة عسكرية لإيران في عهد الرئيس السابق جورج بوش، فيما تؤكد معلوماته أن «بوش اتخذ قرار الحرب ثلاث مرات، لكن لم تسعفه الأوضاع، فعزف عن تنفيذها».
في هذه الأثناء، تتواصل السجالات والتراشق الإعلامي بين المرشحين للرئاسة في وسائل الإعلام والخطابات، وبين المناصرين في الشوارع والساحات. ويتقن كلا الفريقين الإصلاحي والمحافظ استخدام لعبة الأرقام والإحصاءات، حيث يؤكد رئيس الماكينة الانتخابية للمرشح موسوي، نجف قلي حبيبي، لـ«الأخبار» أن إحصاءات دقيقة للماكينة تشير إلى تقدم موسوي بنسبة 56 في المئة في مقابل 35 في المئة لمصلحة نجاد في طهران، مع تقدم واضح في المحافظات.
وذكرت إحصاءات رسمية تشارك فيها وزارات ومراكز حكومية متخصصة أن حظوظ نجاد في الفوز أصبحت مرتفعة جداً، حيث يحظى بـ62,5 في المئة في مقابل 32 لموسوي و2,6 لكروبي و2,1 لرضائي.
هذه الإحصاءات عزّزها تقرير مؤسسة أميركية أوروبية للدراسات (TFT)، تحدثت عن نجاح أكيد لنجاد، وعن أن غالبية الناخبين الإيرانيين تدعمه لولاية رئاسية ثانية.
وفي السياق، حذّر أحد مراجع إيران السبعة الكبار في مدينة قم، آية الله العظمى مكارم الشيرازي، من أن تؤثر السجالات السياسية بين المرشحين وأنصارهم على النظام أو الإسلام عموماً. ودعا المرشحين إلى التلاقي والتفاهم بعضهم مع بعض بعد الانتخابات مباشرة «خشية استفحال الخلافات وتأثيرها على النظام، وكي لا يستفيد الأعداء منها ويستخدموها ضد إيران». وأضاف «على أولئك الذين أساؤوا إلى الآخرين أو اتهموهم زوراً وبهتاناً، الاعتذار من منافسيهم، وأن يجففوا جذور الخلافات المستقبلية، وأن يُدخلوا الأمل عبر ذلك في قلوب مواطنينا الأعزاء».