كما هو الشارع الإيراني، ينقسم الفنانون والممثّلون على أنفسهم بين داعم للرئيس محمود أحمدي نجاد ومنافسيه، فيما وظّف المرشّحون الفنّ في حملاتهم الانتخابية، لترويج طروحاتهم
طهران ــ الأخبار
ربما كان ترشّح فنان سياسي، بوزن مير حسين موسوي، إلى الانتخابات الرئاسية الإيرانية، حافزاً للفنانين ليدخلوا معترك السياسة، من باب التأييد أو الترويج. إلا أن الرسّام الذي أقام معارض عديدة حظيت بإعجاب رفاقه من المبدعين، استطاع استحواذ آراء القسم الأكبر من الشريحة الفنية، لاعتقاد هؤلاء بأن الفنان والمبدع بما يمتلكه من حس مرهف وفكر متنوّر، هو الأصلح والأنسب لإدارة أمور البلاد.
ولأن الفنانين الإيرانيين يريدون السلام والاستقرار والمحبة، بعدما ضاقوا ذرعاً بلغة الحرب والرصاص، «سيدلون بأصواتهم في صناديق الاقتراع لمصلحة موسوي»، حسبما تجزم الممثلة ليلى رشيدي، التي تبرّر دعمها لموسوي، بسببين: «الأول ثقتنا به وحبنا له. والثاني أننا نريد السلام والمحبة وهما جزء من وجوده».
أما المخرج السينمائي، كيومرث بور أحمد، فيرى أن السنوات الأربع الماضية من عهد نجاد، كانت كافية لتقويم أدائه وسلوكه السياسي. ويقول «لم أقترع في الانتخابات الماضية، والنتيجة هي أربع سنوات خُدعنا فيها ونعيش الآن تبعاتها. كما أن أداء هذه الحكومة أساء لصورة الإيرانيّين في العالم، ولا يمكن إعادة الاحترام لهم إلا بانتخاب الأصلح»، غامزاً من قناة موسوي.
وفي رأي المخرج حميد فرخ نجاد «هي انتخابات مصيرية، كما يجمع حولها الإيرانيون، فلن يفيد الزعل أو الاعتكاف». ويضيف نجاد، الذي دعا في مهرجان حاشد لقوى «الثاني من خرداد» الإصلاحية إلى أكبر مشاركة انتخابية، «كي لا يتكرّر الخطأ ويتحقق حلم التغيير الذي يصبو إليه الشباب».
أما الممثل المعروف، الذي قام بدور السيد المسيح في فيلم «بشارة المنجي»، أحمد سليماني نيا، فيتساءل، في حديثه إلى «الأخبار»، «لماذا أنتخب نجاد مجدداً وهو يكذب على الشعب؟»، معتبراً أن «موسوي يبدو صادقاً وأنا أثق به».
وفي المقلب الآخر، اصطفّت فئة أخرى من الفنانين والممثلين إلى جانب الرجل «المخلص والشجاع صاحب الأيدي البيضاء والنظيفة» نجاد. ويرى مخرج فيلم «النبي يوسف» الشهير، فرج الله سلحشور، أن خطاب نجاد «شفاف وواضح لا زيف فيه»، فيما اعتبر خطاب موسوي الانتخابي «مزيفاً ومُخادعاً».
هذا الانقسام والتجاذب السياسي في إيران، انعكس على أعمال الفنانين، الذين تنافسوا على إنتاج الأفلام الانتخابية لمصلحة مرشحيهم المفضّلين. وحظي الفيلم الانتخابي لنجاد بعنوان «دولت يار»، أي «حامي الدولة»، بترحيب واستقبال شعبي، ولا سيما بين الطبقة الفقيرة والمتديّنين وتمّ توزيع مئات آلاف الأقراص المدمجة منه، تاركة تأثيراً كبيراً على الناخبين.
ويقول منتج الفيلم، جواد شمقدري، إن «الفيلم استطاع إيصال الصورة الواقعية للرئيس نجاد، على أنه واحد من الشعب ولا يختلف عنهم. وهو يتلمّس مشاكلهم بدقة» من خلال عشرات الزيارات التي قام بها إلى المحافظات والمدن والقرى البعيدة النائية، واستمع فيها إلى معاناة الناس ومشاكلهم».
وبالنسبة إلى المرشّح الإصلاحي، أعطى المنتج مجيد مجيدي وقته الكامل لإنتاج فيلم موسوي الانتخابي، الذي تمحورت فصوله على إظهار «تواضع» الرجل، وهو في موقع رئاسة الوزراء والتزامه بالقيم الدينيّة و«عشقه اللامتناهي» للإمام الخميني. أمّا المخرج والممثل بهروز أفخمي، فانضمّ إلى مناصري المرشح الإصلاحي مهدي كروبي، فأنتج فيلمه وحاول الإيحاء من خلاله بأن الأخير هو المرشح المناسب لأنه «عالم دين مؤتمن». ويعتبر أن وصوله إلى سدّة الرئاسة ضمانة بأن القيم الدينية والثوابت الوطنية لن تتعرض للخطر.