محمد شمصمير حسين موسوي، رسام ومهندس معماري من مدينة خامنه في محافظة أذربيجان في شمال شرق إيران، التي ينحدر منها أيضاً المرشد الأعلى للثورة السيد علي خامنئي. ولد في عام 1941 وحصل على شهادة الماجستير في الهندسة المعمارية وتخطيط المدن من «جامعة بهشتي» في عام 1970. متزوج من السيدة زهراء رهنورد، ولديه ولدان.
كان موسوي من ضمن الرعيل الأول لرجالات الثورة الإيرانية ومؤسسيها، إلى جانب الإمام الخميني. اشتهر بمقالاته «اللاذعة» دفاعاً عن الثورة وقيمها في وجه المعارضة، ولا سيما حين كان رئيس تحرير صحيفة «جمهوري إسلامي» الحكومية. وشغل منصب وزير الخارجية في حكومتي أبو الحسن بني صدر، ومحمد علي رجائي، ومن ثم منصب رئيس الوزراء ما بين عامي 1981 و1989، خلال الحرب العراقية الإيرانية.
خلال هذه الحرب، خاض موسوي معركة صلاحيات رئاسة الوزراء مع رئيس الجمهورية آنذاك، آية الله علي خامنئي، ما أدى إلى استقالته من منصبه، الذي تم إلغاؤه بعد ذلك، بتعديل دستوري أتى بناءً على طلب الخميني.
هذه الاستقالة والغياب عن الأضواء مدة عشرين عاماً، اعتبرها منافسوه نقطة ضعف وهروباً من المسؤولية. فالعزلة والابتعاد عن هموم الناس في أحلك الظروف الحسّاسة التي مرّت بها إيران، لا تليق بالسياسي الذي يريد خدمة وطنه وشعبه. أمام هذه الاتهامات، كشف موسوي أنه استقال من منصبه مُكرهاً، من دون أن يذكر الأسباب، ومع ذلك أكد أنه لم يغب عن السياسة رغم غيابه عن الأضواء. إذ إنه، ومنذ سنوات، يشغل عضوية مجلس تشخيص مصلحة النظام، كذلك عُيّن مستشاراً للرئيسين علي أكبر هاشمي رفسنجاني (1989-1997) ومحمد خاتمي (1997-2005)، بالتزامن مع تولّيه الإشراف على الأكاديمية الإيرانية للفنون.
ولدى عودته من جديد إلى مسرح السياسة، طمأن موسوي ناخبيه إلى أنه سيبدأ من حيث انتهى خاتمي، لجهة منح المزيد من الحريات، ولا سيما للنساء. فالفنان المرهف الحس وعد بإعادة النظر في القوانين «الجائرة» والتي «تشكّل تمييزاً» بحق النساء الإيرانيات. بل ذهب أبعد من ذلك بقوله إنه سيعمل على سحب شرطة الأخلاق من الشوارع، ويطلق السجناء السياسيين والحريات الحزبية والسياسية والإعلامية والمعلوماتية.
تصريحات لم تعجب السيدة زهراء مصطفوي، ابنة الإمام الخميني، الذي يؤكد موسوي أنه ملتزم بنهجه، فوبّخته لارتباطه بمجموعات وأحزاب كان للخميني موقف منها، قائلة «كيف ترتبط مع هؤلاء المنافقين وتدّعي أنك تسير على نهج وخطى الإمام الخميني».
لكن طموحات القيادي الإصلاحي المتنوّر، لا تقتصر على الحريّات. فهو يقدّم رؤية شاملة في السياسات الخارجية لتغيير صورة إيران «النمطية المتطرفة».
لذا انتقد موسوي، في أول مؤتمر صحافي بعد ترشّحه للرئاسة، سياسات الحكومة الحالية. وأضاف «قلت إن سياساتنا الخارجية متطرّفة وأضرّت بنا كثيراً، وعلينا العمل بجد لاكتساب الثقة على المستوى الدولي وإنعاش مركز إيران عالمياً». هذا التصور الطامح، يبدو أنه لا يحاكي الواقع السياسي في إيران، فالمتابع للسياسة في هذا البلد وطريقة صناعة القرار فيه، يدرك تماماً أن الملفات الاستراتيجية الكبرى والحسّاسة، يرسمها المرشد الأعلى للثورة بالتشاور مع مستشاريه في مجلس تشخيص مصلحة النظام، وأن رئاسة الجمهورية، ليست إلا قوة تنفيذية لهذه السياسات. فالمرشد خامنئي رفض في أكثر من مناسبة التشكيك في احترام إيران عالمياً، مؤكداً «أن النهج والسياسات الحالية ينبغي أن تستمر حتى تحقيق النصر النهائي».
من هنا يُخشى أن تتكرر تجربة موسوي مع خامنئي كما في السابق، ولا سيما أن مقرّبين منه يقولون إن الرجل لم يتغيّر ولم يغير من قناعاته السابقة. لهذا، فإن أقصى ما يمكن أن ينجزه الرجل على الساحة الدولية في حال انتخابه رئيساً، هو إشاعة مناخ إيجابي من الثقة وإزالة التوتر والحوار مع دول الجوار والعالم، من دون أدنى تغيير في الثوابت الوطنية، وخصوصاً في الملفات الساخنة والمهمة كالملف النووي والموضوعين الأميركي والإسرائيلي.
موسوي، الذي يعرف كيف وأين تُطبخ القرارات السياسية في إيران، بعث برسائل تطمينية في أكثر من اتجاه، حيث أكد أن طهران لن تتراجع عن برنامجها النووي، لكنها ستحاور أي دولة لإنهاء هذا الملف. وأن الحوار مع الأميركيين، «فرصة» لكن ضمن شروط المصلحة الوطنية العليا، وأن «إسرائيل عدو إيران».
مع ذلك، ينأى موسوي بنفسه عن الخوض والحديث بشأن «الهلوكوست»، لأن مثل «هذه المواضيع لا تخدم إيران ومصالحها». ويطمئن القادة السياسيين إلى أنه ملتزم بولاية الفقيه عملياً، وأن التغيير لن يخرج عن الأطر الدستورية أو يتعالى فوقها، مقدّماً رؤية اقتصادية شاملة «ستُنقذ البلاد من الأزمة الاقتصادية الراهنة».
ويعِد موسوي الشباب ومتخرّجي الجامعات بإيجاد فرص عمل لهم وتحرير المعلومات، مُرجعاً أسباب الإخفاق في المجال الاقتصادي وحال عدم الاستقرار المضرّة بالبلاد إلى «السياسات الاقتصادية المتغيرة باستمرار» لحكومة نجاد. ورغم تمتعه بقاعدة شعبية عريضة، بالإضافة إلى دعم شريحة من المحافظين المعارضين لنجاد وسياسات حكومته، تبقى أمام الرجل مهمة تجاوز المنافس الأقوى والرجل الصلب محمود أحمدي نجاد.