من المؤكّد أن المهمة الأميركية في أفغانستان لن تكون كبلاد الرافدين، والإدارة الأميركية تدرك مخاطر المعارك في عقر دار «القاعدة»، لذلك تحاول ما أمكن الاستفادة من «دروس العراق»، واعتماد منهجية «حرب العصابات»
واشنطن ــ محمد سعيد
أقرّ قائد القيادة الأميركية الوسطى، الجنرال دايفيد بيترايوس، أول من أمس بأن معدل أعمال العنف في أفغانستان قد ارتفع إلى مستويات قياسية خلال العامين الماضيين، متوقعاً «أوقاتاً صعبة»، بالتزامن مع وصول التعزيزات العسكرية الأميركية إلى هذا البلد.
وقال بيترايوس، أمام المؤتمر السنوي لمركز «نيو أميركان سيكيوريتي»: «ليس هناك شك في أن الوضع قد تدهور في العامين الماضيين، وستكون هناك أوقات صعبة مقبلة»، مشيراً إلى أن «هجمات المسلحين قد ازدادت بين كانون الثاني وأيار بنسبة 59 في المئة، مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي»، وذلك بحسب إحصاءات لحلف شمالي الأطلسي.
وأكد بيترايوس أن «الأسبوع الماضي شهد أعلى مستوى للحوادث الأمنية في تاريخ أفغانستان، على الأقل في مرحلة ما بعد التحرير. وشهد الأسبوع الماضي وقوع أكثر من 400 هجوم بزيادة مقدارها 8 مرات مقارنة مع معدل الهجمات في كانون الثاني 2004».
وقال بيترايوس إنه «يجب على الولايات المتحدة اتخاذ العبرة من الدروس المستفادة في العراق»، مشيراً إلى أن ذلك البلد كان يشهد نحو 160 هجوماً يومياً، لكن العدد قد انخفض إلى ما بين 10 و15. ورجح أن تزيد بعض أعمال العنف «لأننا سنلاحق مخابئهم وملاذاتهم الآمنة». ورأى أن أفغانستان تمثّل تحديّاً فريداً للولايات المتحدة، بحيث يحتّم على الجنود الأميركيين أن يعيشوا بجوار السكان المحليين، وأن يقيموا علاقات معهم ويتفهموا الثقافة المحلية.
وقد تزامنت تصريحات بيترايوس مع تصريحات لقائد القوات الأميركية الجديد في أفغانستان، الجنرال ستانلي ماكريستال، الذي شدد على أن «الحرب لا يمكن كسبها إلا بحماية المدنيين». وأشار إلى أن أولويته عند الوصول إلى العاصمة الأفغانية، كابول، ستكون العمل على التقليل من سقوط الضحايا المدنيين، قائلاً لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» إن «أول مهمة سيقوم بها في أفغانستان ستكون مراجعة قواعد الاشتباك برمتها إلى جانب كل التعليمات الموجهة إلى قواتنا في أفغانستان، مع الإصرار على أننا نقاتل من أجل السكان لا ضدهم، وهذا يتطلب حمايتهم من العدو ومن عواقب عملياتنا أيضاً التي يمكن أن تكون لها آثار سلبية على كل شخص عند وقوع أي تقصير».
وأضاف ماكريستال قائلاً إن «نجاحنا في هذا المسعى يعتمد على حماية المدنيين والتركيز على الأهداف البارزة للعدو في أفغانستان». وأكد أنه يتطلع إلى زيادة الشراكة مع الجنود البريطانيين في أفغانستان، من دون أن يدعو صراحة إلى زيادة عددها، موضحاً أن زيادة عدد القوات البريطانية محل ترحيب كبير.
وتوجه ماكريستال إلى أفغانستان لتسلم منصبه الجديد برفقة نحو 400 موظف تتمثل مهمتهم فى إدخال تغييرات كبيرة على الطريقة التى تدار بها الحرب هناك. وهو عمل في صفوف القوات الخاصة الأميركية ويملك خبرة في التعامل مع حرب العصابات. وتتهمه منظمات حقوق الإنسان بممارسات تصل إلى حد ارتكاب جرائم حرب بحقّ العراقيين.
ميدانيّاً، قُتل 28 شخصاً على الأقل في أعمال عنف في أنحاء مختلفة من أفغانستان، بينهم ستة مدنيين جراء حادث سير وإطلاق نار من جانب حلف شمالي الأطلسي، وفق ما أعلن الحلف والسلطات المحلية. كذلك قتل جندي بريطاني قرب قندهار في الجنوب، وفق ما أعلنت وزارة الدفاع البريطانية.