بدت قمّة منظّمة «شنغهاي» للتعاون التي انعقدت في روسيا أمس، شبه «تقليدية»، باستثناء القمّة الهنديّة والباكستانيّة الأولى منذ أحداث مومباي. قمّة يبدو أنها فتحت الباب أمام لقاءات أخرى. ورغم الملفات الساخنة التي بحثت، إلا أن الهدوء كان سمة هذه القمّة التي عُقدت في يكاترينبورغ الروسية أمس، بمشاركة رؤساء الدول الأعضاء في المنظمة (روسيا والصين وكازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان)، وبحضور ممثلي الدول الأربع التي حصلت على صفة مراقب، بينهم الرئيسان: الإيراني محمود أحمدي نجاد والباكستاني علي زرداري، ورئيس الوزراء الهندي منوهان سينغ ومبعوث خاص للرئيس المنغولي.
بحثت القمّة الملف الكوري الشمالي النووي والإرهاب، إضافة إلى الأزمة المالية. إلا أن الأبرز فيها كان اللقاء الهندي الباكستاني، على هامش القمة، والذي كسر الجليد الذي أحدثته هجمات مومباي.
بدايةً، حثّ الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف على «وضع شروط لقبول أعضاء جدد في منظمة شنغهاي». ونقلت وكالة الأنباء الروسية «نوفوستي» عن مدفيديف قوله «نحتاج إلى تسريع العمل على الوثائق التي تنظّم عملية قبول أعضاء جدد في المنظمة»، مضيفاً أن «المنظمة ستقرر بشأن منح صفة دولة شريكة لكل من بيلاروسيا وسريلانكا».
وفي الملف الكوري الشمالي، قال مدفيديف إن «البلدان الأعضاء في منظمة شنغهاي تعتبر تصرف كوريا الشمالية غير مقبول»، موضحاً «أكدنا أن المجتمع الدولي كان مضطراً للرد من خلال تبني قرار من قبل مجلس الأمن الدولي».
وتطرق مدفيديف إلى الملف الاقتصادي قائلا إنه «يجب زيادة حصة العملات الوطنية في التجارة الثنائية لتقليص الاعتماد على احتياطي العملات الدولية».
أما أبرز ما شهدته القمة، فتمثل في لقاء الهند وباكستان، حيث خاطب رئيس الوزراء الهندي الرئيس الباكستاني قائلاً إن «أراضي باكستان يجب ألا تستخدم في الإرهاب». وأضاف «أنا سعيد بلقائك، لكني مفوّض بإبلاغك أن أراضي باكستان يجب ألا تستخدم في الإرهاب».
من جهته، أعلن وزير الخارجية الباكستاني، شاه محمود قرشي، أن «كبار مسؤولي وزارة الخارجية في الهند وباكستان سيلتقون قريباً، وأن زعماءهم السياسيين سيستكملون ذلك بجولة من المحادثات». وأضاف، في اتصال هاتفي مع وكالة «رويترز» من روسيا، «اتفق الجانبان على أن يجتمع قريباً وكيلا وزارتي الخارجية، على أن يتبادل الاثنان المعلومات الجديدة ووجهات النظر بشأن قضية الإرهاب»، مضيفاً أنه «على ضوء هذه المحادثات، ستلتقي القيادة السياسية (للبلدين) في شرم الشيخ» (أي في اجتماع دول حركة عدم الانحياز).
وقبيل لقائه الرئيس الباكستاني، دعا سينغ إلى «التعاون الإقليمي في مواجهة الإرهاب وغيره من التهديدات الأمنية»، مضيفاً أن «شبح الإرهاب والأفكار المتطرفة والإتجار بالمخدرات تسيطر على منطقتنا. باتت جرائم الإرهاب التي ترتكب اليوم عابرة للحدود». ومضى يقول إنه «من المهم أن نتعاون تعاوناً حقيقياً بعضنا مع بعض، وعلى مستوى العالم لهزيمة الإرهاب الدولي إلى الأبد».
من جهته، أكد زرداري أن «بلده يودّ الحصول على عضوية كاملة الحقوق في منظمة شنغهاي، ويعتزم المشاركة بنشاط في عملها».
وفي ختام القمة، وقّع رؤساء الدول الأعضاء في المنظمة «إعلان يكاترينبورغ»، الذي يعدّ وثيقة سياسية أساسية تقدّم تقويماً للوضع الدولي المعاصر. وأشارت الوثيقة إلى «ضرورة الانتقال إلى نظام عالمي حقيقي متعدد الأقطاب، وزيادة أهمية الأقاليم في حل القضايا العالمية، إضافة إلى تعزيز الأسس القانونية للعلاقات الدولية، والارتقاء بدور الأمم المتحدة في الأمور الدولية، والتمسك بمبادئ صيانة السلام في ظل توفير أمن متكافئ لكل الدول من دون استثناء، وتسوية النزاعات الإقليمية والدولية بالوسائل السياسية الدبلوماسية».
كذلك أكدت الأطراف الموقّعة «تمسكها بمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، ودعت إلى تنشيط التعاون في مراقبة القطاع المالي والإشراف عليه، وفي الحفاظ على استقرار الاقتصاد».
كذلك دعت الدول الأعضاء إلى «استئناف المفاوضات لإيجاد حل للقضية النووية الكورية الشمالية، التي تفاقمت بعد تجربة بيونغ يانغ النووية، إضافة إلى «التحلّي بضبط النفس ومواصلة البحث عن حلول مقبولة لدى الجميع على أساس الاتفاقات التي تم التوصل إليها سابقاً».
(أ ف ب، يو بي آي، الأخبار)