اتّسعت تداعيات الملف الذي أثارته صحيفة «طرف» التركية يوم الجمعة الماضي حول وثيقة عسكرية أُعدَّت في نيسان الماضي تحت عنوان «خطة عمل لمكافحة الرجعية»، هدفها «إنهاء» حزب «العدالة والتنمية» ومؤسسات الداعية الإسلامي المعتدل فتح الله غولن.وتوزّعت تطورات يوم أمس على الداخل التركي وعلى ستراسبورغ الفرنسية، مقر البرلمان الأوروبي الذي قرّر أن يضع قضية «الفضيحة» على جدول أعمال أول جلسة افتتاحية يعقدها الشهر المقبل بهيئته العامة الجديدة المنتخبة أخيراً. قرار اتخذته كتل نيابية أوروبية «لأن الفضيحة تعيد إلى الأذهان صورة تركيا القديمة»، تركيا الانقلابات وحكم العسكر. وبقيت سمة التردّد مهيمنة على سلوك قيادة الجيش التركي إزاء التقرير الصحافي؛ فقد جدّد قائد الجيش إلكر باسبوغ تأكيده أنّ التحقيقات «أظهرت أنّ أيّ تقرير للانقلاب لم يُعثَر عليه في أيّ من أجهزة الكومبيوتر في جميع شُعَب قيادة الجيش». كلام فتح المزيد من الشكوك وطرح أسئلة أكثر مما قدّم أجوبة: فماذا لو كانت خطّة الانقلاب أُعدَّت على الورق ولم تطبَع على جهاز كومبيوتر في المكاتب الرسمية؟ ثمّ، إذا كانت مهمّة إعداد التقرير قد أوكلت إلى المقدم في البحرية التركية دورسون جيجيك (الذي يقدّم إفادته للمحكمة الخاصّة بعصابات «إرغينيكون» اليوم)، فهل يمكن الجزم بأنّ الضابط تجاهل أبسط معايير الحيطة والحذر وأعدّ خطّته في مكتبه الرسمي بكل سذاجة؟
والتقى رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان بشكل «استثنائي جداً» بباسبوغ أمس، لبحث القضية التي لا يحتمل تأجيلها إلى يوم الخميس، الموعد الأسبوعي لاجتماع مجلس الأمن القومي الذي يرأسه كل من قائد الجيش ورئيس الوزراء. وفي ظلّ التعتيم الإعلامي الذي أحاط باللقاء، فإنّ التصريحات تلت وسبقت الاجتماع.
أردوغان جمع نواب حزبه، وقال أمامهم ما يمكن وضعه في خانة «التصعيد بهدف استيعاب الأزمة». جمع في جملة واحدة ما يبرّئ قيادة الجيش وما يصرّ على معرفة «الحقيقة كاملة». أعرب عن ثقته بـ«التزام الجيش بالديموقراطيّة»، قبل أن يحثّ السلطات القضائية المدنية وأقسام الجيش على إيجاد من يقف خلف إعداد هذا التقرير بسرعة، مطالباً بوقف صدور التعليقات إلى حين انتهاء التحقيقات. ورأى أردوغان أنه «إذا كانت الاتهامات كاذبة، وتهدف إلى إحداث فتنة بين المؤسسات الحكومية، فإنّ الموضوع خطير». وتابع قائلاً: «أما إذا كانت الأخبار الصحافية صحيحة، فإنّ الأمر يكون أشدّ خطورة».
في المقابل، أصدر الجيش بياناً ثانياً عن الموضوع، جدّد فيه تأكيد عدم اكتشاف أدلة تدين قيادته، وطمأن إلى أنّه «سيبذل كامل جهوده لمعرفة ما إذا كان التقرير صحيحاً، وإذا كان الأمر كذلك، فسيعاقَب المسؤول عنه أشد عقاب».
بدوره، تعهّد باسبوغ، في مقابلة مع صحيفة «حرييت»، أن يُصدر الجيش بياناً واضحاً يجزم فيه إذا كان التقرير الذي تحدثت عنه «طرف» موجوداً أو لا.
(الأخبار)