باريس ــبسّام الطيارةعادت مسألة الحجاب إلى واجهة الإعلام والتداول في فرنسا، بعدما تقدم النائب الشيوعي، أندريه غيران، بطلب تأليف لجنة برلمانية تنكبّ على دراسة «ظاهرة البرقع» التي بدأت تنتشر وتتوسع في فرنسا «وخصوصاً في أوساط المسلمين الجدد» من الفرنسيين.
وأوضح غيران، الذي سبق له أن وقّع مع 57 نائباً آخر على عريضة تطالب مجلس النواب بإصدار تشريع يحظر ارتداء النقاب، أن الطلب الذي قدمه لا يهتم بما سيتم فعله الآن بقدر دراسة أسباب انتشار هذه الظاهرة.
ووفقاً للنائب غيران، الذي يمثل منطقة الرون المحيطة بمدينة ليون حيث توجد نسبة مهاجرين عالية جداً، فإن ظاهرة «النقاب الكامل» الذي يغطي المرأة كلّياً من رأسها حتى قدميها، بات ينتشر بكثافة كبيرة جداً في أوساط الجالية الإسلامية في فرنسا، والتي تتجاوز الستة ملايين. وأشار إلى أنه يطال خصوصاً الفرنسيين الذين يدخلون في الإسلام، وتحدث عن «سوق الأحد»، حيث يزداد عدد النساء المنقّبات في ساحات القرى. كذلك تناول ظاهرة الارتفاع المستمر لحالات رفض رفع النقاب لضرورات الحصول على صور رسمية لجواز السفر أو لبطاقة الهوية.
وفي السياق، ذكر أحد الرسميين العاملين في وسط المهاجرين لـ«الأخبار» أن عدداً من رؤساء البلدية باتوا يرفضون إجراء مراسم الزواج من دون «أن تكشف العروس عن وجهها». وأشار إلى أن هذه «حالات ليست محصورة في محيط ليون»، بل تنسحب أيضاً على باريس وضواحيها ومدينة ليل في الشمال. إلا أن مصدراً في وزارة الداخلية، مع اعترافه بازدياد هذه الظاهرة، فإنه لم يعتبر أنها «خرجت عن نطاق السيطرة»، لكنه يشدد في المقابل على أن «الجديد هو أنها خرجت من حلقة المتديّنين المتشدّدين»، وباتت نوعاً من «الموضة الإسلامية» التي يتبعها المسلمون الجدد.
وأثار طلب غيران إنشاء لجنة تحقيق برلمانية ردود فعل متباينة. فأيدت وزيرة الدولة لشؤون المدينة، فاضلة عمارة، وهي من أصول عربية واشتهرت عندما أسست الجمعية الناشطة «لا عاهرات ولا خاضعات»، طلب إنشاء اللجنة البرلمانية «لدراسة ظروف لبس البرقع أو النقاب على الأراضي الفرنسية»، ووصفت هذا اللباس بأنه «الرمز المادي الظاهر للأصوليين». واعتبرت أن من واجب «الجمهورية أن تتسلح بما يمكنها من وقف هذا الانحراف».
في المقابل، عارض وزير الهجرة، إيريك بيسون، «بصفة شخصية»، حسب قوله، فكرة «التشريع في هذا المجال»، معتبراً أن قانون الحجاب الذي أقرّ في ١٥ آذار ٢٠٠٤ يكفي. وأضاف أنه لا ضرورة «لإعادة فتح السجال حول العلامات والشعارات الدينية». وقال إنه يكفي تطبيق هذا القانون الذي يمنع ارتداء «شعارات دينية» في الإدارات العامة والمدارس التابعة للدولة.
واحتل خبر النقاب والبرقع واجهة الإعلام الفرنسي هذين اليومين، مدفوعاً بقوة الصور الآتية من إيران، حيث ينصبّ الاهتمام الإعلامي على «مطالب التغيير وموجة الشباب»، وحيث ظهرت صورة المرأة التي خلعت غطاء رأسها على مدار الساعة، ما شكّل نموذجاً لـ«تنافر وتناقض» بين مجتمع فرنسي ينتقد «غياب الحريات الأساسية» وتوجّهه لقوننة ما يراه عدد متزايد من المفكرين الفرنسيين تعبيراً عن حرية فردية أساسية تكفلها قوانين الدولة العلمانية.