بعد هزيمة الديموقراطيين في انتخابات تشرين الثاني، استعاد الجمهوريون السيطرة على الكونغرس الأميركي الذي سيقودون من مقاعده، اعتباراً من اليوم، المقاومة ضد الرئيس باراك أوباما وعلى جدول أعمالهم إصلاحات اقتصادية وقوانين للتصدي لقرارات الرئيس الأميركي.
ويبدأ الكونغرس دورته الـ114 بأكبر غالبية جمهورية في مجلس النواب منذ عام 1930، وبأول غالبية جمهورية في مجلس الشيوخ منذ عهد الرئيس السابق جورج بوش. وقد سيطر هؤلاء على مجلس الشيوخ بزيادة ثمانية مقاعد إلى 54 مقعداً، مقابل 46 مقعداً للديموقراطيين. أما في مجلس النواب، فقد فاز الجمهوريون بزيادة 13 مقعداً إلى 247 مقعداً، مقابل 188 مقعداً بينهم مستقلان ملتحقان بمجموعة الديموقراطيين.
وفي طليعة أولويات الجمهوريين على مستوى السياسة الأميركية الخارجية، التصويت على عقوبات احترازية ضد إيران قبل انتهاء المفاوضات الدولية بشأن الملف النووي الإيراني، والتي قد تصطدم بفيتو رئاسي، قد يتطلب التغلب عليه، من كل من مجلسي الكونغرس إعادة التصويت على النص بثلثي أعضائه، وهي عتبة تتطلب انضمام العديد من الديموقراطيين إلى زملائهم الجمهوريين. كذلك من المتوقع التصدي للتغيرات الجذرية في سياسات الرئيس باراك أوباما تجاه كوبا. يضاف إلى ذلك الحرب ضد تنظيم «الدولة الإسلامية»، وتعتبر ملفاً آخر يعتزم الكونغرس التدخل فيه، غير أنه لم يتوصل حتى الآن إلى إجماع بشأن حدود الالتزام العسكري الأميركي في العراق وسوريا، ما يترك لباراك أوباما حرية التصرف.
أما في طليعة الأولويات في السياسة الداخلية، فهو إصدار قانون يجيز بناء خط أنابيب «كيستون اكس ال» بين كندا والولايات المتحدة، والذي يتطلب مبدئياً موافقة السلطة التنفيذية. غير أن باراك أوباما يمتنع منذ ست سنوات عن إعطاء موافقته بسبب معارضة عدد من الديموقراطيين وأنصار البيئة. ويعتزم الجمهوريون إعطاء الضوء الأخضر بقوة القانون للمشروع الضخم، وبالتالي تنفيذ وعدهم بالتصويت سريعاً على قوانين تنشئ وظائف.
ويرى الجمهوريون أن النمو الاقتصادي يمرّ عبر تطوير قطاع الطاقة، وهم يؤيدون زيادة عمليات التنقيب عن النفط، ولا سيما في ألاسكا، وإزالة القيود المفروضة على تصدير الغاز الطبيعي المسيل والنفط الخام، حيث إن البنزين والمنتجات المكرّرة يجري تصديرها بشكل حر.
وفي هذا السياق، تعقد جلسة استماع غداً في مجلس الشيوخ، حيث وعد زعيم الغالبية، ميتش ماكونيل، بعملية تصويت سريعة بعد مناقشات تبقى مفتوحة على أي تعديلات. وكان الكونغرس قد حظر في السبعينيات تصدير النفط الخام الأميركي إثر صدمة الأزمة النفطية، لكن مع فورة الإنتاج الأميركي مؤخراً، يرى أنصار تحرير التصدير أن هذا الحظر عفا عنه الزمن.
كذلك سيُطرح نظام الضمان الصحي الذي شكل أبرز إنجازات أوباما في ولايته الرئاسية الأولى والذي يعرف بـ«أوباما كير»، لدى استئناف الدورة التشريعية. ويدعو المحافظون الأكثر تشدداً إلى تصويت رمزي لإلغاء قانون إصلاح النظام الصحي الذي يفرض إلزاماً الاكتتاب ببرنامج تأمين صحي تحت طائلة غرامة.
وفيما لم يعرف بعد ما إذا كان الكونغرس سيتمكن من الالتفاف على فيتو رئاسي محتمل، إلا أنه من الجدير الإشارة إلى أن أوباما لم يستخدم الفيتو الرئاسي سوى مرتين خلال ست سنوات وضد تدابير غير مثيرة للجدل كثيراً، مقابل 12 مرة لسلفه جورج بوش (في ثماني سنوات)، 37 مرة لبيل كلينتون (في ثماني سنوات) و365 مرة لفرانكلين روزفلت (في 12 عاماً)، بحسب أرقام مجلس الشيوخ.
لكن في مواجهة كونغرس يسيطر خصومه على مجلسيه، فقد يلجأ الرئيس الأميركي إلى هذا الإجراء بشكل متزايد، خصوصاً أن من المتوقع أن يعود ملف الهجرة إلى طاولته بحلول نهاية شباط. ففي 20 تشرين الثاني، أعلن أوباما أنه يعتزم تشريع أوضاع ما يصل إلى خمسة ملايين مهاجر مقيمين بصفة غير قانونية لبضع سنوات، وهو ما يريد الجمهوريون منعه من خلال استخدام سلاح الميزانية، وفق استراتيجية محفوفة بالمخاطر قد تقود إلى إغلاق إدارات. ولن يصوّت الكونغرس لتمويل وزارة الأمن الداخلي سوى حتى 27 شباط، على أن ينظم تصويتاً جديداً حينها على عملية تمويل تمنع ترتيب أوضاع المقيمين بصفة غير شرعية.
وفي سياق متصل، من المتوقع أن يواجه الكونغرس استحقاقاً لرفع سقف الدين، في 15 آذار، رغم أنه يبقى من الممكن تقنياً تمديد هذه المهلة لبضعة أشهر.
(رويترز، أ ف ب)