strong>دخلت إيران، أمس، تحت ستار حديدي، من المتوقع أن يتوسّع في الأيام المقبلة، مع عمليات اعتقال الصحافيين وإغلاق المكاتب الإعلامية، التي كان آخرها قناة «بي بي سي»، إذ لم يبقَ إلا المواقع الإلكترونية، التي يتوقع أن تخضع لرقابة محكمة أيضاً
دعا المرشّح الرئاسي الإيراني الخاسر، مير حسين موسوي، إلى إصلاح إيران من «الأكاذيب والخداع»، وذلك في بيان عبر موقعه الإلكتروني تضمّن انتقاداً شديداً إلى المرشد الأعلى للجمهورية آية الله علي خامنئي. وفي تحدٍّ واضح لدعوة خامنئي بعدم اللجوء إلى الشارع، تظاهر الآلاف في طهران، أول من أمس، مطالبين بإعادة الانتخابات، ما أدى إلى سقوط 13 قتيلاً، بحسب التلفزيون الرسمي، برصاص شرطة مكافحة الشغب.
ووجّه موسوي انتقادات غير مسبوقة إلى المرشد الأعلى، مندداً بكلامه، الذي صدّق على إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد في خطبة الجمعة. وانتقد موسوي «مشروعاً يتخطى فرض حكومة غير مرغوب فيها على الشعب، وصولاً إلى فرض حياة سياسية جديدة على البلاد».
ورد المرشّح الخاسر على حجة خامنئي لتأكيد صحة النتائج الانتخابية بأنه لا يمكن لأي عملية تزوير أن تبرّر الفوز الساحق الذي حقّقه نجاد (62.63 في المئة من الأصوات)، فقال «إن كان هذا الحجم الهائل من التزوير يستخدم باعتباره الدليل الدامغ على عدم حصول تزوير، فإن هذا يطعن في الطابع الجمهوري للنظام نفسه ويثبت عملياً أن الإسلام لا يتفق مع الجمهورية»، مشيراً إلى أنه «جرى التخطيط للتزوير على مدى أشهر».
وأكد موسوي «لسنا ضد النظام الإسلامي وقوانينه، ولكننا ضد الأكاذيب والانحرافات ونريد فقط إصلاح ذلك»، مضيفاً أنه إذا رفضت السلطات السماح باحتجاجات سلمية، فإنها ستواجه «العواقب». وتابع رئيس الحكومة الأسبق أن «الناس يتوقّعون من مسؤوليهم الأمانة واللياقة، لأن كثيراً من مشكلاتنا هي بسبب الأكاذيب. الثورة الإسلامية لا بد أن تكون على الطريق الذي كانت عليه والطريق الذي ينبغي أن تكون عليه».
ومساءً، أعلن مير حسين موسوي أن الاحتجاج على «التزوير» هو «حق للشعب»، داعياً أنصاره إلى «ضبط النفس». وكتب رئيس الوزراء الإيراني السابق، في النص الذي نشر على الموقع الإلكتروني لنشرته «كلمه»، «بصفتي شخصاً أصابه الحزن على القتلى الذين سقطوا في التظاهرة السبت، أدعو شعبي العزيز إلى ضبط النفس». وأضاف إن «الاحتجاج على الأكاذيب والتزوير هو حقكم». وتابع يقول «امُلوا الحصول على حقوقكم ولا تسمحوا للذين يريدون إغضابكم بتحقيق النجاح».
وطلب موسوي من المتظاهرين الامتناع عن أي أعمال عنف خلال التظاهرات، معرباً عن الأمل «في ألّا تتدخل الشرطة والجيش بطريقة يتعذّر تصحيحها ضد الشعب». وقال لأن «الامتناع عن إعطاء العائلات أسماء الشهداء والجرحى وعناوينهم لن يسهم في استتباب الهدوء».
أمّا آية الله العظمى حسين علي منتظري، فقد دعا إلى الحداد العام لثلاثة أيام، إثر مقتل إيرانيين خلال الاحتجاجات. وقال، في بيان، «إن مقاومة مطلب الشعب محرمة شرعاً. وإنني أدعو إلى الحداد العام لثلاثة أيام اعتباراً من يوم الأربعاء».
من جهته، قال الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي، إن «تحويل النزاع إلى جهة لم تكن محايدة في ما يتعلق بالانتخابات ليس حلاً»، في إشارة إلى مجلس صيانة الدستور. وكان المجلس، الذي يسيطر عليه المحافظون، قد اجتمع أوّل من أمس في ظل مقاطعة موسوي والمرشح الخاسر الآخر مهدي كروبي، وأعلن أنه مستعد لإعادة فرز عشرة في المئة من الأصوات في الانتخابات بصورة عشوائية، استجابة لشكاوى من موسوي ومرشحين آخرين خسرا أمام نجاد. وأشار إلى أن موسوي وكروبي فقدا حقهما في الطعن لتغيبهما عن الاجتماع.
في المقابل، أصدر مجلس الخبراء بياناً أعلن فيه «تأييده ودعمه القاطع للتصريحات الواضحة والوحدوية والواعية للقائد المعظّم في صلاة الجمعة بطهران»، داعياً الجميع إلى اتّباع أوامره.
وكان آلاف المتظاهرين قد نزلوا إلى الشوارع في وسط طهران، بالرغم من تحذير قائد الشرطة إسماعيل أحمدي مقدم بأنه سيتم «قمعهم بشدة». وذكرت قناة «برس تي في» الرسمية أن 13 شخصاً قتلوا في الاشتباكات، فيما أوضحت أن «مثيري الشغب» أشعلوا النار في مبنى ومحطتين للغاز وهاجموا موقعاً عسكرياً.
وأفادت «منظمة مراسلين بلا حدود» بأن السلطات الإيرانية اعتقلت 23 صحافياً ومدوّناً إيرانياً، منذ بدء الاضطرابات في 12 حزيران الماضي. ونقلت وكالة «أسوشيتد برس» عن المنظمة قولها إن الصحافيين أصبحوا «الهدف الأهم» للقيادة الإيرانية.
كذلك أفادت وكالة أنباء «فارس» أن قوات الأمن اعتقلت ابنة رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام، هاشمي رفسنجاني، خلال مشاركتها في إحدى التظاهرات، مبررة الاعتقال بأنه لـ«حمايتها». وذكرت أنباء أخرى أن أربعة من أقرباء الرئيس الأسبق تم اعتقالهم أيضاً.
إلى ذلك، سقط قتيلان وبعض الجرحى في هجوم انتحاري استهدف مرقد مؤسس الجمهورية، الإمام الخميني، في جمران جنوب طهران.
(أ ف ب، أ ب، رويترز، يو بي آي، مهر)


متظاهر يروي: هاجمونا بوحشيةوبعدما نجح بعض المتظاهرين في الفرار من الشرطة، عادوا وتجمّعوا هاتفين «الموت للدكتاتور» و«أيّها الشعب، لماذا تبقى مكتوف الأيدي؟ إيران تحوّلت إلى فلسطين». وقال المتظاهر «كانت السيارات التي تعبر تطلق أبواقها من أجلنا وركاب الحافلات يشيرون لنا بأيديهم». وأفاد المتظاهر بأن «صيحات النساء كانت تتردد في رأسي، وأشعر بالألم في كل جسدي». لكنه اعتبر رغم ذلك أن «هذه الوحشية في وضح النهار على مرأى من الجميع قد تنعكس إيجاباً على الحركة» الاحتجاجية.
وبثّ التلفزيون الرسمي، الذي نادراً ما يغطي التظاهرات، مشاهد عابرة لم تتخطّ ثواني عند العصر، ظهر فيها شرطيون ينهالون بالهراوات على مدنيين، فيما يتم اقتياد متظاهر في سيارة. وقال شاهد آخر إنه «كان هناك الكثير من الدماء في الشارع. أعتقد أنه يمكن القول إن العديدين قتلوا أو سيتوفّون هذا المساء. شاهدنا جرحى ينقلون إلى مستشفى الإمام الخميني».
(أ ف ب)