لم يعد أمام المتابع للشأن الإيراني، في ظل ما تفرضه السلطات من تعتيم، سوى اللجوء إلى شبكات التواصل الاجتماعي مثل «تويتر» لاستقاء الأخبار، رغم ضعف صدقيتها
في ظل التعتيم الإعلامي الذي تمارسه الحكومة الإيرانية على ما يجري في شوارع طهران من احتجاجات على نتائج الانتخابات الرئاسية، حاول موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي فتح صفحاته أمام مشاركات الإيرانيين، وإن كانت تفتقر إلى الصدقية المطلوبة، لعلّه ينقل بعض مشاهداتهم منذ يوم السبت الدامي وما أعقبه من هدوء حذر.
لقد نزل الناس إلى الشوارع يوم السبت الماضي، وتشتتوا بين ساحات مُنعوا من التجمع فيها، فيما تعرّضوا في ساحات أخرى للضرب والقمع. صدامات متقطّعة سجّلت في ساحات «بهارستان» و«انقلاب» و«فاناك» و«ولي عصر» وصولاً إلى مقر الأمم المتحدة، فيما لا يزال مئات الطلاب في جامعة طهران معتصمين لليوم الرابع على التوالي.
هذه نماذج للأنباء الواردة إلى الموقع، التي أشارت إلى اعتقال غالبية مستشاري مير حسين موسوي ومساعديه. لقد بقي المرشح الإصلاحي الخاسر وحيداً في الميدان، مع قلّة من الطلاب والناشطين السياسيين. قيل لاحقاً إنه وضع في الإقامة الجبرية، ومُنع من التكلم إلى الصحافة أو إصدار تصريحات. منذ يوم السبت لم يظهر موسوي في أي تجمّع، فيما بقي موقعه الخاص على الإنترنت ينشر بعض تصريحاته، إلى جانب «الفايس بوك» ومعظم مواقع الأخبار ومدوّنات مؤيّديه التي تقلّصت بفعل القرصنة والخضوع للرقابة الرسمية.
ثمة مواقع وحسابات وهمية اختلقتها الحكومة الإيرانية لتنشر بيانات «خاطئة»، تحثّ المواطنين الإيرانيين على مواجهة المحتجّين وممارسة العنف ضدهم.
رغم ذلك، موسوي تابع نداءه من أجل تنفيذ إضراب عام اليوم (الثلاثاء)، داعياً المدنيين إلى إضاءة مصابيح سياراتهم بين الساعة 5 و6، تخليداً لذكرى من سقط في المواجهات بين الشرطة والمتظاهرين.
أخبار كثيرة، لا يذكرها الإعلام الغائب عن المشهد كلّياً، ترد عن حوادث واعتقالات، منها اعتقال محمد باقر علوي، الجنرال علي واجلي، فخر الدين حكيمي من حركة الحرية والصحافي عيسى سرخيز، فضلاً عن اعتقال أكثر من عشرين صحافياً وطرد بعضهم، على غرار مراسلي «بي بي سي» و«العربية». وباتت الصحافة في إيران ذات لون واحد، حيث يقوم «عملاء الحكومة» بتحرير أربع صحف يومية، على الأقل، بحسب أحد المشاركين في الموقع.
ويضيف المشارك نفسه أن تعميماً صدر إلى لإعلام الرسمي بوصف المحتجين بقُطّاع الطرق، فيما تفيد إحدى وسائل الإعلام بأن بعض المتظاهرين حاولوا الاختباء في السفارات، يوم السبت، هرباً من «الإرهابيين».
ويشير مشارك آخر إلى أن حركة الاحتجاج «تضم عدداً لا يمكن إحصاؤه من الملالي ورجال الدين، فيما يقوم أصحاب الأعمال وأصحاب المتاجر في طهران بدعم موسوي». كذلك يشيرون إلى أن عمال النقل العام سينضمون إلى المحتجين والإضراب.
وفي إقليم كردستان، دُعي اتحاد الكتاب وحملة حقوق الإنسان وبعض الشخصيات البارزة للمشاركة في إضراب اليوم. في المقابل، هناك دعوات للأهالي للحصول على الأغذية، وحاجاتهم من مصادر الطاقة، استعداداً لأيام قد تنقص فيها المؤن.
وبحسب المشاركين في الموقع، فإن الإجراءات الأمنية تعزّزت في مطار طهران الدولي، «حيث يمكن أن ينتقل أي شخص مباشرة إلى الاعتقال في حال اكتشاف أي صلة له بحركة موسوي».
ربما كان مشهد «ندى»، تلك الفتاة التي قُتلت ببشاعة في أحد شوارع طهران، من أكثر المشاهد التي خيّمت بظلالها على العاصمة ومحيطها. فخلال الليل، سُمعت هتافات التكبير، و«الموت للديكتاتور»، فيما مُنع الناس من القيام بأقل ما يمكنهم من تعاطف مع قضيتها.
(الأخبار)