تأخّر رئيس أركان الجيش التركي الجنرال إلكر باسبوغ في الانتفاض على الحملة الإعلامية والسياسية التي طاولت جيشه «الذي أعدّ خطة عمل في نيسان الماضي، لإنهاء حزب العدالة والتنمية ومنظمات الداعية الإسلامي فتح الله غولن» بحسب ما نشرته صحيفة «طرف» قبل نحو شهر.ظلّ باسبوغ «يراوغ» في دفاعه عن مؤسسته وجنرالاتها. لكنه في الأمس، قرر الضرب «بيد من حديد» لإنهاء التداول بأي معلومات عن الموضوع الذي بات في عهدة لجنة تحقيق بعد لجوء حكومة رجب طيب أردوغان وحزبه إلى القضاء.
وعقد قائد الجيش مؤتمراً صحافياً في مقر قيادة الجيش في العاصمة أنقرة، بحضور كبار حملة النجوم والرتب العسكرية، قال فيه إنّه لا يرى في التقرير الذي نشرته «طرف»، إلا «مجرد قصاصة من الورق تهدف إلى تقسيم الجيش وإضعافه». وقلب باسبوغ معايير النقاش، إذ أصرّ على ذهاب المحققين المدنيين إلى النهاية في عملهم، لكن ليس لمحاكمة معدّي التقرير من داخل المؤسسة العسكرية، بل لمحاسبة من «لفّق التقرير المزوَّر»، مجدداً إعلان نتيجة التحقيق العسكري الداخلي الذي انتهى إلى تبرئة الجيش، بكل أقسامه، من التّهم التي يكشفها التقرير. وتعهّد باسبوغ بأن الجيش «لن يبقي في صفوفه أي عناصر انقلابية أو مناهضة للديموقراطية»، مشيراً إلى أنّ «الملاحظات التي تقول إن المحاكم العسكرية متحيزة، قبيحة جداً»، وداعياً الجميع إلى احترام ما توصّل إليه الادّعاء العام العسكري.
وتابع باسبوغ «أنا كقائد للجيش التركي، أقول لكم بصراحة، ارفعوا أيديكم عن القوات المسلحة التركية، وتخلّوا عن أفكاركم وجهودكم الهادفة إلى التعريف عن أنفسكم سياسياً من خلال الجيش».
وكأنّ أردوغان علم مسبقاً بمضمون كلمة باسبوغ، فأعلن أول من أمس أنه يقبل بالنتائج التي توصّل إليها تحقيق الجيش، لكنه حثّ المؤسسة العسكرية على توسيع تحقيقاتها «لأننا يجب أن نعرف ما إذا كانت هناك مؤامرات حقيقية». ولفت إلى أنّ «قناعة قوية تتملّكنا بأنّ القوات المسلحة ستقوم بما عليها القيام به، لأنه يجب أن ندرك ما إذا كانت هناك مؤامرة أو لا».
وشدّد أردوغان، في دردشة مع الصحافيين قبيل توجهه إلى ألبانيا، على أنّ مهمة الكشف عن الحقيقة كاملة بشأن تقرير «طرف» هي مهمة يجدر أن يشارك فيها الجميع، معارضة وحكومة.
وعن قرار الادعاء العسكري الذي برّأ العقيد في القوات البحرية، دورسال جيجيك، من تهمة إعداد «خطة عمل لإنهاء الحالة الإسلامية في البلاد»، أوضح أردوغان أنّ هذا القرار سيتم إبلاغه إلى القضاء المدني «للذهاب إلى النهاية في إجراءات حماية الديموقراطية».
وما لم يقله رئيس الحكومة، قاله حزبه الذي أصدر بياناً أشار فيه إلى أنّه «يعلّق أهمية كبيرة على القرار النهائي الذي ستصدره المحكمة المدنية لتوضيح كل تفاصيل القضية».
إذاً، اختفت المصطلحات النافرة ضدّ العسكر التي هيمنت على تصريحات جميع مسؤولي «العدالة والتنمية» وبياناتهم منذ نشر التقرير في الصحف، وحلّت محلّها عبارات لا تلمّح إلا إلى ضرورة «معرفة الحقيقة»، بينما تستعدّ الأسواق المالية لاستعادة شيء من عافيتها، بعدما أرهقتها الأزمات السياسية الموسمية في البلاد.
(الأخبار)