بانتظار ما سيعلنه مجلس صيانة الدستور في إيران من نتائج يتوقع أن تؤكد فوز الرئيس محمود أحمدي نجاد بولاية ثانية، بدا الشارع الإيراني هادئاً خلال اليومين الماضيين، فيما تجري بعض تصفية الحسابات بين طهران والغرب على خلفية تصريحات دول ضد الجمهورية الإسلامية

■ رفسنجاني يهاجم «الفتنة»: ولائي للمرشد بلا حدود!



في اليوم الخامس عشر للأزمة الإيرانية، ظهر موقف جديد لرئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام، علي أكبر هاشمي رفسنجاني، يحمل نفساً تهدويّاً، رأى خلاله أن ما جرى خلال الأيام الماضية مشروع «فتنة» ومحاولة لدق إسفين بين الشعب والنظام، مؤكداً أن ولاءه لمرشد الثورة علي خامنئي «لا حدود له».
ودعا رفسنجاني المرشحين الخاسرين الثلاثة إلى «التعاون بالحد الأقصى» مع مجلس صيانة الدستور، الذي طالبه بإجراء «درس مدقق في كل الشكاوى والطعون». ورأى أنّ الأحداث الاخيرة «فتنة معقدة من عناصر مشبوهة تستهدف زرع النفاق وإيجاد شرخ بين الشعب والنظام وسلب ثقة أبناء الشعب من النظام الإسلامي»، حسبما نقلت عنه وكالة «مهر» الإيرانية للأنباء.
وأضاف رئيس مجلس الخبراء أن إجراء المرشد الأعلى للثورة الإسلامية، علي خامنئي، في «تمديد فترة مجلس صيانة الدستور لدراسة القضايا بدقة وإعطاء توضيحات مقنعة وإزالة الغموض عن الانتخابات، إجراء قيّم للغاية ومؤثر جداً». وأعرب عن أمله أن «يتمكن القائمون على هذا الأمر من دراسة الاعتراضات القانونية بدقة وبمراعاة الإنصاف والعدل وتعاون المرشحين».
ورأى رفسنجاني أنّ «الانتخابات الصحيحة، مجال لتعزيز الوفاق والتعاون وتحويل التنافس إلى صداقة بعد الانتخابات»، مشيراً إلى أنه «يجب ألا تؤدي التصرفات السيئة إلى إيجاد الضغينة والتشتت بين الشعب، ويجب أن نسعى جميعاً من خلال الوفاق والتعاون الى إزالة العقبات وتسوية المشكلات».
وكان عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان، حسين إبراهيم، الذي شارك باجتماعات اللجنة مع رفسنجاني، قد قال إن الرئيس الأسبق أبدى «ولاءه الذي لا حد له لخامنئي» و«أكد مجدداً علاقته الحميمة بقائد الثورة الإسلامية وأنهما لا يفترقان مطلقاً»، مشيراً إلى أنه يعد رسالة بناء على التوجيهات الأخيرة لخامنئي.
في هذا الوقت، ندّد مرشد الثورة بتصريحات المسؤولين الغربيين «السخيفة» التي «تمثّل تدخلاً» في الشؤون الإيرانية. وقال خامنئي، في اجتماع مع مسؤولين قضائيين، «بالإعراب عن آراء سخيفة بشأن إيران، فإنهم يتحدثون بطريقة كما لو كانت جميع مشاكلهم قد حُلّت وأنه لم يبق سوى مشاكل إيران».
ومن جهته، حذر الرئيس محمود أحمدي نجاد، من أنه سينتهج أسلوباً متشدداً في فترة ولايته الثانية، «تجعل الغرب يندم على التدخل في شؤون طهران». وقال: «من دون أدنى شك، فإن الحكومة الجديدة في إيران سيكون لها أسلوب أكثر حسماً وصرامة نحو الغرب».
وأعرب نجاد عن استغرابه «بشدة» لتصريحات الرئيس الأميركي باراك أوباما، حول الانتخابات الرئاسية الإيرانية، التي قال إنها تأتي «من شخص كان قد رفع شعار التغيير، إلا أنه أدلى بتصريحات بعيدة عن الأدب».
في المقابل، حذا المرشّح الإصلاحي للانتخابات الرئاسية، مهدي كروبي، حذو زميله مير حسين موسوي، ورفض العمل مع اللجنة التي اقترحت السلطة تأليفها للنظر في إعادة انتخاب نجاد.
وكتب كروبي، في صحيفة «اعتماد ملي»، أنه «إذا ألف مجلس صيانة الدستور لجنة مستقلة تتمتع بكامل الصلاحيات للتحقيق في جميع جوانب الانتخابات، فسأقبل بها». وأوضح كروبي «أن بعض السادة في هذه اللجنة سبق أن اتخذوا مواقف منحازة»، داعياً إلى تأليف لجنة «مستقلة يكون أعضاؤها أكثر اعتدالاً». واشترط استبدال اسمين من أعضاء اللجنة «لانحيازهما إلى نجاد» وأن يشمل عمل اللجنة النظر في مجمل العملية الانتخابية كلها.
ورسمياً، أعيد انتخاب نجاد بنسبة 63 في المئة من الأصوات مقابل 34 في المئة لموسوي و1.7 في المئة لمحسن رضائي و0.8 في المئة لكروبي. ومن المفترض أن يؤكد المجلس هذه النتائج اليوم الاثنين.
إلى ذلك، أعلن رئيس تحرير نشرة «انديشه نو» (فكر جديد)، أمير حسين مهدوي، أن المرشح موسوي «سبّب» مقتل إيرانيين أثناء التظاهرات احتجاجاً على إعادة انتخاب نجاد.
وقال مهدوي للصحافيين في مقر وكالة الأنباء الطلابية الإيرانية، إنه عضو أيضاً في «منظمة مجاهدي الثورة الإسلامية»، إحدى المجموعات الإصلاحية التي دعمت موسوي في انتخابات الثاني عشر من حزيران. وأضاف: «الآن، وقد أدت البيانات التحريضية إلى مقتل مواطنين، فهو يعاني حالياً من مأزق» حكمه الخاطئ. وتابع: «برأيي، لم يفت الأوان بعد، ويمكنه الاحتجاج عبر عملية قانونية، وينأى بنفسه عن المجموعات التي سببت الفوضى وإراقة الدماء».
(أ ف ب، مهر، يو بي آي، أ ب، رويترز)

■ لندن تطالب طهران بإطلاق موظفي سفارتها



لا تزال الأزمة سارية بين طهران ولندن، وخصوصاً أن الأخيرة كانت لها حصة الأسد من اتهامات إيران بالتدخل في شؤونها والحض على العنف والتظاهر، بعدما طردت السلطات الإيرانية دبلوماسيين وصحافيين بريطانيين
طالبت لندن أمس بالإفراج عن ثمانية موظفين إيرانيين في السفارة البريطانية في طهران، واصفة إلقاء السلطات الإيرانية القبض عليهم «بالمضايقة والترهيب». وقال وزير الخارجية البريطاني، ديفيد ميليباند، للصحافيين في مؤتمر دولي في كورفو في اليونان، «هذه مضايقة وترهيب بشكل غير مقبول. نريد الإفراج عنهم من دون أن يلحق بهم ضرر»، مشيراً الى أن السلطات البريطانية قدمت احتجاجاً شديد اللهجة. ونفى الاتهام بأن بلاده وراء الاضطرابات في إيران.
وأعلنت محطة «برس تي في» الإيرانية، أمس، أن السلطات اعتقلت 8 موظفين محليين يعملون لدى السفارة البريطانية في طهران، متهمة إياهم بالتورط في التظاهرات و«الحض على العنف»، عقب إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية في 12 حزيران.
وفي السياق، قلل السفير السويدي لدى طهران، ماغنوس فانشتت، من أهمية استدعائه الى وزارة الخارجية الايرانية احتجاجاً على محاولة متظاهرين اقتحام السفارة الايرانية في ستوكهولم. ورأى أن هذا الإجراء عادي يتطابق مع الأعراف الدبلوماسية بين الدول.
وقال السفير السويدي، في تصريح إلى وكالة الأنباء السويدية «تي تي»، «لقد احتج الإيرانيون لأن السويد لم تحم سفارتهم والعاملين فيها ضد متظاهرين، وهو الأمر الذي علينا أن نقوم به طبقاً لاتفاقية جنيف».
وفي موقف عربي لافت تجاه أحداث إيران الأخيرة، قال رئيس المجلس الشعبي الوطني الجزائري (الغرفة الأولى في البرلمان)، عبد العزيز زياري، إن الانتخابات الرئاسية الإيرانية الأخيرة تعبّر عن قرار الشعب الإيراني الذي هو «حر وسيّد».
وأوضح زياري، في تصريح للصحافيين على هامش زيارة رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني إلى الجزائر التي بدأها السبت، أن «الجزائر لا تتدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى».
من جهة أخرى، أعرب الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي، خافيير سولانا، في كورفو (غرب اليونان)، عن الأمل في استئناف المفاوضات سريعاً مع إيران حول برنامجها النووي رغم الاضطرابات التي تشهدها.
وقال سولانا، للصحافيين خلال اجتماع منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، «نأمل أن يُتاح لنا سريعاً إمكان استئناف المفاوضات المتعددة الأطراف مع إيران حول الملف النووي».
وانتقد «طريقة التعامل مع التظاهرات والاعتقالات» في إيران.
(أ ف ب، رويترز)

■ منظّمات حقوقيّة: «الباسيج» تعتقل المصابين وتشنّ مداهمات ليليةوقال مدير الإقليم الغربي لمنظمة العفو، بانافشيه أكلاجي، في حديث إلى شبكة «سي إن إن» الإخبارية، إن ميليشيات الباسيج «تقف بالمرصاد» للمتظاهرين الذين يحتجون على نتائج الانتخابات الرئاسية في 12 حزيران الجاري، مؤكداً أن معلومات المنظمة مصدرها إيرانيون وأجانب غادروا البلاد.
ودعت المنظمة السلطات الإيرانية إلى «ضبط النفس في عمليات الحفاظ على الأمن خلال أي تظاهرات احتجاجية، وإلى وضع حدّ للهجمات على الطلاب»، مشيرة إلى أن المعلومات أفادت بأن ميليشيات «الباسيج» منعت الطواقم الطبية من معرفة هويات المصابين أو السؤال عن إصابتهم، وأنها «تقتاد الجرحى إلى وجهات مجهولة فور تلقيهم العلاج».
وفي السياق، أعلنت منظمة مراقبة حقوق الإنسان «هيومان رايتس ووتش»، أن قوات «الباسيج» تشنّ عمليات دهم ليلية في طهران وتقتحم المنازل الخاصة وتضرب السكان، في محاولة لوقف الاحتجاجات على الانتخابات الإيرانية.
وقالت مديرة منطقة الشرق الأوسط في المنظمة، سارة لي ويتسون: «أبلغنا شهود أن ميليشيات الباسيج تهاجم شوارع بأكملها، بل وأحياء ومنازل أفراد في محاولة لمنع الهتافات التي يرددها محتجون ليلاً من فوق أسطح المنازل».
وقال إيراني في منتصف العمر من منطقة وناك، وفقاً للتقرير: «يوم 22 حزيران، كنا نهتف (الله أكبر) من على أسطح المباني. ودخلت الباسيج ضاحيتنا وبدأت إطلاق الرصاص الحي في الهواء في اتجاه المباني، التي يعتقدون أن هتافات (الله أكبر) تأتي منها».
في غضون ذلك، أعلن نائب رئيس الاتحاد الدولي لرابطات حقوق الإنسان، كريم لاهيدجي، أمس في باريس، أن «أكثر من ألفي شخص أوقفوا، وهم قيد الاعتقال في إيران»، وأن مئات آخرين هم «في عداد المفقودين» منذ بدأت الاحتجاجات على صدور نتائج الانتخابات الرئاسية.
وقال لاهيدجي، الذي يترأس الرابطة الإيرانية للدفاع عن حقوق الإنسان، خلال تجمع في العاصمة الفرنسية: «حسب معلوماتنا، إن أكثر من ألفي شخص اعتقلوا وهم لا يزالون حالياً محتجزين»، مشيراً إلى أن «هناك أيضاً مئات الأشخاص يُعَدون في عداد المفقودين، وقد وصلتنا هذه المعلومات البارحة (السبت) من طهران من مصادر مستقلة»، مشيراً إلى عائلات الضحايا من معتقلين أو مفقودين.
(يو بي آي، رويترز، أ ف ب)