جددت فرنسا أمس انتقادها لنتائج الانتخابات الإيرانية، مطالبة السلطات بشفافية كاملة، وملوحةً بعقوبات خلال قمة الثماني، في مقابل إظهارها مرونة في التعاطي مع سوريا تعكس رغبة فرنسية في الفصل بين البلدين

باريس ــ بسّام الطيارة
بدا كأن الدبلوماسية الفرنسية قد فوجئت بإعلان مجلس صيانة الدستور تثبيت انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد لولاية ثانية بسرعة، ما انعكس على تصريحات المسؤولين في وزارة الخارجية، حيث أكد المدير المساعد للإعلام، رومان ندال، أن باريس «لا تزال تنتظر من السلطات الإيرانية شفافية كاملة». ولاحظ نادال أن «أياً من المرشحين الثلاثة الخاسرين لم يعلن قبوله النتيجة». ورفض بصفته ناطقاً باسم وزارة الخارجية الفرنسية الإجابة عن سؤال عما إذا كانت باريس تعترف بالرئيس الإيراني المنتخب أو لا.
ورداً على سؤال لـ«الأخبار» عما «تنتظره باريس كي تعلن اعترافها بالرئيس محمود أحمدي نجاد»، كرر نادال ربط الأمر بموقف المرشحين الخاسرين، مشيراً إلى أن «الاعتراض كبير جداً»، وأنه ليس فقط من المرشحين الخاسرين بل «هناك اعتراض شعبي قوي جداً».
وبالطبع يطرح هذا الموقف «الجديد والبارز»، بحسب وصف أحد المراقبين، مصير المفاوضات بشأن النووي الإيراني. وقد أجاب نادال عن هذه الزاوية من العلاقات الغربية مع طهران بأن «المحادثات المعروفة بـ٣+٣ تجري عبر جليلي»، بينما «الأمور اليومية» يديرها سفير لا يزال موجوداً في طهران، قبل أن يضيف أن باريس تتشاور مع شركائها الأوروبيين وتتدارس معهم «الخطوات المقبلة».
ورغم نفي الكي دورسيه أن تكون العقوبات التي «تلوحُ في أفق قمة الثماني»، التي ستنعقد في إيطاليا الشهر المقبل، مرتبطة «مباشرة» بنتيجة الانتخابات، إلا أن مصدراً موثوقاً أكد لـ«الأخبار» أن القمة سوف «تتناول الوضع برمته». وأوضح أنه حتى وإن تعذّر التوصل إلى اتفاق على تشديد العقوبات في حال ربطها بـ«الوضع الداخلي»، في إشارة إلى معارضة روسيا المبدئية، إلا أنه من غير المستبعد أن تتجه «بعض الدول» المشاركة في القمة إلى «تصلّب في الملف الداخلي الإيراني» ينعكس على خطط الرئيس الأميركي باراك أوباما، لفتح باب التفاوض على الملف النووي قبل نهاية السنة.
وبالتزامن مع اجتماع «زعماء العالم الغني»، يجتمع وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير مع «سفراء فرنسا في المنطقة»، في العاصمة السورية دمشق، وهو ما وصفه مصدر مسؤول في الكي دورسيه بأنه «اجتماع تقني روتيني داخل الإدارة». إلا أن بعض المصادر أكدت لـ«الأخبار» أن الاجتماع سيكون مناسبة لتبادل وجهات النظر بين السفراء، وخصوصاً أن الدبلوماسية الفرنسية قد «غيّرت كل طاقمها».
وحسب هذه المصادر، فإن السفراء الجدد سيحضرون الاجتماع «لتسلّم عصا التتابع». إلا أن لحصول الاجتماع في العاصمة السورية بحضور كوشنير رمزيات تدل، إن لزم الأمر، على الدور المهم الذي تراه باريس لدمشق في حال «حصول توتر مع طهران»، إذ إنه يمكن القول إن استراتيجية الفصل بين سوريا وإيران لا تزال «الأرضية التي تعمل عليها عاصمة الأنوار».
ويستعيد بعض المراقبين موقف فرنسا المتصلّب من خلال إعادة قراءة لمجمل علاقات باريس مع طهران منذ وصول الرئيس نيكولا ساركوزي، وهي تمر كلها بتصريحات الرئيس الإيراني الاستفزازية التي قابلها في حينه كلام كوشنير عن «الحرب»، التي ألغت وأطاحت بعضاً من «مسلّمات حقبة (الرئيس السابق جاك) شيراك» الذي صرّح قبل خروجه من الإليزيه بأنه «يمكن القبول بأن تمتلك إيران قنبلة أو قنبلتين».