نيويورك ــ نزار عبودأفرج الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، أمس، عن تقرير لجنة إيان مارتن المستقلة حول العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، الذي يتهم إسرائيل بانتهاكات فاضحة للقانون الدولي وقد يعرّضها لحملة دولية قد تصل إلى حدّ المساءلة لكبار مسؤوليها وتنديد من مجلس الأمن، بعدما باءت كل المحاولات الإسرائيلية، لعرقلة أو تأخير نشر التقرير، بالفشل.
وقال الأمين العام، في الرسالة التي أرفقها بالتحقيق ورفعها إلى مجلس الأمن الدولي إنه سيجري مباحثات مع الحكومة الإسرائيلية بشأن نتائج التحقيق، مشدداً على أن «المدنيين الإسرائيليين تعرضوا ولا يزالون يتعرضون للقصف العشوائي من قبل حركة «حماس» وغيرها من المجموعات المسلحة».
ومن ضمن الاتهامات التي وجهها التقرير للدولة العبرية: نيران غير متوازنة، استخدام القوة المبالغ فيها، إصابة مقصودة للمدنيين ولمؤسسات الأمم المتحدة وتزوير الوقائع. في المقابل، تجاهل على نحو شبه تام «حماس» ونيران صواريخها باتجاه بلدات إسرائيلية. وطالب بمساعدة المدنيين بصورة عاجلة، ودعا إسرائيل إلى تحمل نتائج أعمالها. وأوصت اللجنة بوضع ترتيب مؤقت لنشر محققين مدربين من الأمم المتحدة على جناح السرعة يتمتعون بخبرات عسكرية وجنائية يستطيعون فيها إجراء تحقيقات جنائية وتثبيت التهم وتقديمها إلى لجنة تحقيق خاصة.
وقُبيل صدور القرار، أصدرت وزارة الخارجية الاسرائيلية بياناً قالت فيه إن «إسرائيل ترفض الانتقادات الواردة فيه، وتعتبرها منحازة وغير متوازنة وتتجاهل الوقائع كما قدمتها (إسرائيل) إلى لجنة التحقيق وتضلّل الرأي العام العالمي». وأضاف أن «إسرائيل تؤكد أن التقرير يتجاهل تماماً الهجمات التي شنت ضدّها ويتغاضى عن الحقيقة القاسية التي تفرضها «حماس» ووسائلها». وجدد اتهامه لحركة المقاومة بأنها «منظمة إرهابية استخدمت مدنيين فلسطينيين كدروع بشرية، واستهدفت عمداً مدنيين في إسرائيل».
وفي محاولة لتبرير قصف منشآت المنظمة الدولية، قال البيان إن «الجيش اتخذ سلسلة إجراءات لتجنب منشآت وآليات المنظمات الدولية». وأضاف «من المفاجئ أن تقرير الأمم المتحدة لا يحمّل أي مسؤولية لحماس التي تمركزت قرب منشآت للأمم المتحدة لشن هجماتها».
وكان قد سافر سراً إلى نيويورك المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية، يوسي غال، فور بلوغ أمر النية في نشر التقرير. وأجرى محادثات مع مسؤولين كبار في المنظمة لإقناعهم بتأجيل النشر، وتغيير جزء من الصيغ الحادة الواردة فيه، والضمان في أن يوازن الأمين العام النتائج القاسية خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد بعد النشر.
ويبدو أن محاولات إسرائيل نجحت في هذا الشأن، إذ إن بان، شدّد خلال مؤتمره، على أهمية «مواصلة الحوار البناء مع الحكومة الإسرائيلية»، مؤكداً أن التقرير لن يؤدي إلى مساءلتها. وقال الأمين العام إنه «سعيد بأن ينقل إلى الجميع أن الحكومة الإسرائيلية وافقت على الاجتماع مع مسؤولين من الأمانة من أجل معالجة توصيات اللجنة في الشق المتعلق بإسرائيل». وأضاف أن إسرائيل «حريصة على البناء على التقرير وزيادة تحسين آلية التنسيق مع الأمم المتحدة من أجل ضمان سلامة وأمن موظفي الأمم المتحدة ومنشآتها.» وأشاد بأهمية التعاون مع الحكومة الإسرائيلية وجهازها التنسيقي الذي يعتبره أساسياً في إيصال المساعدات الإنسانية.
وأضاف بان «لا أنوي إجراء أي تحقيق إضافي، أما بالنسبة إلى التوصية العاشرة التي تعالج المزيد من حوادث الموت والإصابة لموظفي الأونروا والدمار الذي لحق بمنشآتها الخارجة عن اختصاص المجلس، فإنني أنوي معالجة تلك الحوادث على أساس كل حالة على حدة، وبالحوار مع الحكومة الإسرائيلية حيث يكون مناسباً، ما دام مثل تلك الحوادث متعلقاً بإسرائيل والأمم المتحدة».
من جهتها، وصفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» التقرير بأن من «شأنه أن يثير زلزالاً دبلوماسياً». وقال عضو في البعثة الأميركية لدى الأمم المتحدة للصحيفة إن «التقرير ينطوي على خطورة غير مسبوقة بالنسبة إلى إسرائيل التي ستحتاج إلى سنوات لتضميد جراحها، إذا تم الأخذ باستنتاجاته كما وردت». ويفتح إمكان اتهام مسؤولين إسرائيليين في مؤسسات قانونية في أرجاء العالم.
ويرأس اللجنة المستقلة البريطاني أيان مارتن، وتضمّ الأميركي، لاري جونسون، والسريلانكي، سينها باسناياكي، والسويسري، باتريك أيشنبرغر، فضلاً عن عضو من الأمانة العامة لم يكشف عن اسمه. والتقى أعضاء اللجنة خلال تحقيقهم بممثلين كبار من الجيش الإسرائيلي ووزارة الخارجية، كذلك استمعوا إلى شهادات فلسطينيين وموظفي الأمم المتحدة. وتركزت تحقيقات اللجنة على تسعة مواقع لمنشآت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» ومحيطها.