موسكو ــ حبيب فوعانيأعلنت وزارة الداخلية الجورجية «فضح مؤامرة»، هدفها القيام بانقلاب عسكري، واعتقال ضباط كبار سابقين عملوا في وزارة دفاع البلاد، متهمين أجهزة الاستخبارات الروسية بالتعاون مع المعتقلين، الأمر الذي نفته موسكو.
وأضافت الداخلية الجورجية أن «أسطول البحر الأسود الروسي وُضع في حالة تأهب قتالية فور اعتقال (غيا) غفالادزه (القائد السابق لوحدة القوات الخاصة «دلتا» في تسعينيات القرن الماضي)»، مؤكدة أن «المتآمرين كانوا على اتصال مباشر مع روسيا وتلقوا منها أموالاً».
ونقلت وكالة «نوفوستي» عن الناطق باسم الوزارة، شوتا أوتياشفيلي، قوله: «نُسِّقَت هذه الخطة مع روسيا، وكانت تهدف في حد أدنى إلى عرقلة المناورات العسكرية التي يقودها حلف شمالي الأطلسي في جورجيا (التي تبدأ اليوم)، وإلى تنفيذ انقلاب عسكري في جميع أنحاء البلاد في حد أقصى». وعرضت الداخلية لقطات مصورة التقطها عناصرها، ويظهر فيها غفالادزه وهو يجري مباحثات الإعداد للانقلاب. وحسب خطط هؤلاء، كان خمسة آلاف جندي روسي سينضمون إليهم لاحتلال العاصمة تبيليسي.
ومن بين المعتقلين: وزير الدفاع السابق غيورغي كاركاراشفيلي، وكبار ضباط وزارة الدفاع السابقين: الجنرالات كوبالادزه، بيرتسخالايشفيلي، تيفزادزه، أوتشادزه، تسكريالاشفيلي، غاخوكيدزه، الذين وعدت السلطات الروسية بدفع خمسين ألف دولار لكل منهم، كما يؤكد الجانب الجورجي. وعقب اعتقال هؤلاء، أعلن قائد كتيبة المدرعات في قاعدة موخروفاني، المقدم ماموكا غوغياشفيلي تمرده فجر أمس جراء الوضع السياسي المتأزم، قائلاً: «لا يجوز التفرج بغير مبالاة على مسار خراب البلاد». وحذر من تكرار الحرب الأهلية الدموية، التي حدثت في جورجيا عامي 1991ـــــ1992. وعلى أثر هذا الإعلان، توجهت من تبيليسي نحو 30 دبابة ومدرعة إلى القاعدة المتمردة، كذلك حلّقت فوقها بعض المروحيات، وبعد قليل، وصل الرئيس الجورجي، ميخائيل ساكاشفيلي، الذي اتهم موسكو بإثارة الاضطرابات في بلاده، إلى القاعدة ودعا المتمردين إلى إلقاء سلاحهم طوعاً، وأجرى مفاوضات مع المتمردين، أُعلن بعدها اعتقال بعضهم وإنهاء التمرد.
وامتنع المحللون السياسيون الجورجيون عن التعليق على ما حدث، لغموض الوضع، لكن رماز ساكفاريليدزه، رأى أن اللقطات المصوّرة غير مقنعة أو واضحة، وأعاد أسباب التمرد إلى استياء العسكريين المتواصل من «الطريقة الخرقاء»، التي جرت بها إدارة الهجوم على أوسيتيا الجنوبية في آب الماضي.
وفي ردها على ادعاءات تبيليسي، نفت موسكو اتهامات الأخيرة بالوقوف وراء مؤامرة لتنفيذ انقلاب داخل الجيش الجورجي، مشيرة إلى أن الاتهامات تدل على عجز في تقويم الوضع بواقعية.
ونقلت وكالة أنباء «نوفوستي» عن مصدر في الكرملين قوله إن اتهام القيادة الجورجية لروسيا بتدبير التمرد العسكري، وادعاءها أن روسيا عززت وجودها العسكري في المنطقة «يدلان على عجز المسؤولين الجورجيين عن تقويم الوضع بواقعية والتصرف بما يناسب». ونصح المسؤولين الجورجيين بمراجعة طبيب الأمراض العصبية.
ورأت الخارجية الروسية الاتهامات الجورجية «نتاج خيال مريض»، أما مندوب روسيا الدائم لدى حلف «الأطلسي»، دميتري روغوزين، فنصح الحلف بإجراء مناوراته في أحد المصحات العقلية بدلاً من جورجيا.
وفي تصريح «للأخبار»، سخر جنرال روسي سابق من اتهام روسيا بكل مصائب جورجيا، مشيراً إلى أنّ ذلك استفزاز عشية إجراء المناورات الأطلسية في جورجيا واستدرار للعطف الغربي، ولمحاولة رص صفوف المجتمع الجورجي وسط استمرار أعمال الاحتجاج، التي تقوم بها المعارضة ضد «نظام الرئيس المفلس». أما زعيم المعارضة الجورجية، كاخا كوكافا، فقال إن تقرير الحكومة بوقوع تمرّد عسكري كان محاولة لتحويل الأنظار بعيداً عن احتجاجات المعارضة ضد ساكاشفيلي.