خاص بالموقع | PM 11:14هآرتس ــ عكيفا الدار
ليس من الصعب تقدير أي جلبة كانت ستنشأ في القدس لو أن الولايات المتحدة قررت أن تخفض مؤقتاً الضغط على إيران في المسألة النووية، أو أن يأمر الرئيس باراك أوباما بتجميد مفعول العقوبات على سوريا.

الويل لحكومة تتخيل رفع المقاطعة عن حكومة غزة، قبل أن تعترف «حماس» بحل الدولتين في حدود 1967. وما أحسن أن يرجئ الكونغرس تقديم المساعدات الطارئة للسلطة الفلسطينية إلى أن تتألف الحكومة الجديدة في رام الله، كي نتأكد من أنها تروقنا!

كان الضغط الدولي على الجيران دوماً أداة مباركة، بل وحيوية. ومن دون ضغط من الخارج، ما الذي يدعو إيران إلى أن تتخلى طوعاً عن قدرة نووية؟ إذا لم تضغط الولايات المتحدة على سوريا لقطع علاقاتها مع منظمات الإرهاب، فما الذي سيدعو دمشق إلى الدخول في نزاع مع «حماس» وحزب الله؟ لولا الضغط الذي مارسته إدارة رونالد ريغان على منظمة التحرير الفلسطينية، لما أعلن المجلس الوطني الفلسطيني وقف الكفاح المسلّح ضد إسرائيل وتبني القرار 242.

ينبغي الافتراض أن بنيامين نتنياهو لن يحتج على ضغط إدارة أوباما على الفلسطينيين للاعتراف بإسرائيل دولةً للشعب اليهودي. لكن شرعية الضغط الدولي تنتهي حينما تلامس المصالح الإسرائيلية. فماذا حصل حتى يضغط الاتحاد الأوروبي على نتنياهو كي يستأنف مفاوضات التسوية الدائمة؟ من أين جاءتهم الوقاحة لربط رفع مستوى العلاقات مع إسرائيل بتعهد حكومتها بالتمسك بحل الدولتين؟ ماذا، هل نحن عرب؟ حين تتعهد إسرائيل أمام الرئيس الأميركي بإخلاء بؤر استيطانية وتجميد الاستيطان، فإنها لا تحتاج إلى الضغط كي تفي بتعهدها، عندنا الكلمة هي كلمة.

مثل الطفل المدلّل، إسرائيل لا تسارع الى التخلي طوعاً عن أملاك غير منقولة تحتفظ بها ويسكن فيها مواطنوها منذ عشرات السنين. وبحسب استطلاع أجراه كل من دانييل بار ـــــ طال، وعيران هلفرين، فإن 53 في المئة من الإسرائيليين يرون في الضفة الغربية «أرضاً محررة». فقط أقلية ترى فيها أرضاً محتلة.

ومع أن خطر تحول إسرائيل إلى دولة ثنائية القومية أو إلى نظام أبارتهايد يتعاظم كل سنة، ليس هناك ما يكفي في هذا الضغط كي يخرجها من هذه المناطق. أصحاب القرار في إسرائيل سيقررون التخلي عن المناطق فقط إذا كان ثمن الوضع الراهن، وبالعملة الأجنبية، أعلى بكثير من الثمن الذي يتعين عليهم أن يدفعوه بالعملة المحلية لقاء إخلاء 100 ألف مستوطن وتقسيم القدس.

لقد سبق لأوباما أن أعلن في ذروة حملته الانتخابية الرئاسية، أن «صديق إسرائيل» لا يُعتبر في نظره رديفاً لحزب «الليكود». فمنذ أيامه الأولى في البيت الأبيض، أوضح أوباما أنه، سواء كان حل الدولتين مقبولاً من حكومة «الليكود» أو لا، فإن هذه الصيغة غير قابلة للمساومة.

وعلى الرغم من ذلك، يؤكّد طوني بلير أنّ إقامة دولة فلسطينية، في نظر أوباما، تبقى مصلحة قومية أميركية. والمعنى هو أن الضغط على إسرائيل لإنهاء النزاع مع العرب سيسهم في الضغط على إيران لوضع حدّ لبرنامجها النووي.

حظي الرئيس جورج بوش بلقب «صديق إسرائيل» بفضل اكتفائه بالتعابير اللفظية وبتقديم وثائق «عديمة الأسنان». وقد علّم الإسرائيليين أنه يمكن الضحك على «خريطة الطريق» والحفاظ على الذخر الاستراتيجي الأهم، أي العلاقات الخاصة مع الولايات المتحدة.

لقد تمكن أوباما من تغيير قواعد اللعبة الأميركية في الشرق الأوسط؛ فالجميع، من دون استثناء، مدعوون للاختيار بين التفاهمات والعقوبات، بين الجزرة والعصا. السؤال ليس: هل سيمارس أوباما ضغطاً على إسرائيل؛ فالضغط بات هنا. كانت هناك أزمنة تعتبر فيها دعوة زعيم عربي إلى واشنطن قبل دعوة رئيس وزراء إسرائيل إليها، إهانة فظيعة. وذات مرة، كانت زيارة الرئيس الأميركي إلى دولة عربية مجاورة، من دون زيارة إسرائيل، تُفسَّر بأنها ضغط كبير.

سجل الضغوط الذي يوجد تحت تصرف أوباما غني ومتنوع. يبدو أننا سنضطر إلى تعلمه بالطريقة الصعبة.