اجتمع مجلس الأمن الدولي، أمس، على المستوى الوزاري. كان من المفترض أن يكون الاجتماع تمهيداً لمؤتمر موسكو المرتقب، غير أن البيان الختامي أضفى مزيداً من الضبابيّة على المؤتمر، وغياب وزيرة الخارجية الأميركية، أكد أن الحل والربط حكر على واشنطن
نيويورك ــ نزار عبود
وسط تردد أميركي وضعف عربي ومسايرة لمبادرة ورئاسة الاتحاد الروسي لمجلس الأمن الدولي هذا الشهر، أقر المجلس، في اجتماع وزاري غابت عنه وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، وحضره الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، بياناً رئاسياً يتعلق بالحالة في الشرق الأوسط.
البيان شابه الكثير من النواقص والعيوب. فهو لا يتحدث عن ضرورة إنهاء الاحتلال والانسحاب من كل الأراضي المحتلة منذ 1967. ولا يصرّ على حكومة ديموقراطية فلسطينية، بل يكتفي بأن تكون فلسطينية ملتزمة بالاتفاقات السابقة. ولا يتطرق إلى عملية الاستيطان وتغيير الواقع الجغرافي والديموغرافي في الأراضي المحتلة، بما في ذلك القدس المحتلة، أو للحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني، وفي مقدمها حق العودة.
كذلك فإن بيان الاجتماع، الذي كان من المفترض أن يكون ممهداً لمؤتمر موسكو حول الشرق الأسط، لا يحدد موعداً للمؤتمر الذي يبدو كالسراب، بل يرجح الكثيرون أن مؤتمر موسكو لن يعقد على الإطلاق بسبب التعنت الإسرائيلي المؤثر على الموقف الأميركي.
وبدت جلسة مجلس الأمن بمثابة «جائزة ترضية». وربما كان أهم ما فيها التركيز على الطبيعة الاستعجالية للحل في الشرق الأوسط على أساس القرارات السابقة، بما في ذلك القرار 1860، الذي تبنّى مسار أنابوليس السلمي، ولم يرد ذكره في المسودة الأولى، وتمت إضافته بناءً على طلب عربي.
حاولت المجموعة العربية إدخال تعديلات كثيرة على المسودة الثانية لمشروع البيان الذي يحتاج إلى 15 صوتاً، ونجحت في إلغاء فقرة تنعت الفلسطينيين بالإرهاب وتطالب بقطع الدعم المادي العام والخاص عنهم. وفي المقابل، قايضت واشنطن هذا التنازل بشطب الإشارة إلى الاستيطان.
وجاء أبرز ما في النسخة الأخيرة من البيان على الشكل الآتي:
«يشدد مجلس الأمن الدولي على الطبيعة العاجلة للوصول إلى سلام شامل في الشرق الأوسط. وإن التحركات الدبلوماسية النشطة بالغة الأهمية في سبيل تحقيق الهدف الذي رسمه المجتمع الدولي ـــــ سلام دائم في المنطقة مستند إلى إلتزام دائم بالاعتراف المتبادل، والتحرر من العنف والتحريض والإرهاب، وحل الدولتين، بناءً على الاتفاقات والالتزامات السابقة. وفي هذا السياق، يستذكر مجلس الأمن كل قراراته السابقة حول الشرق الأوسط. كما يلاحظ المجلس أهمية المبادرة العربية لعام 2002.
ويعيد مجلس الأمن الدولي تأكيد التزامه عدم الرجوع عن المفاوضات الثنائية القائمة على اتفاقات والتزامات سابقة. ويشدد على دعوته إلى بذل جهود جديدة وعاجلة من قبل الأطراف والمجتمع الدولي من أجل تحقيق سلام شامل وعادل ودائم في الشرق الأوسط قائم على رؤية منطقة تعيش فيها دولتان ديموقراطيتان، إسرائيل وفلسطين، جنباً إلى جنب بسلام وأمان ضمن حدود آمنة معترف بها.
كذلك يدعو مجلس الأمن الأطراف إلى الوفاء بتعهداتها، مستندة في عملها إلى خريطة الطريق، والامتناع عن أي خطوات يمكن أن تقوّض الثقة أو تمسّ بنتائج المفاوضات في القضايا الجوهرية. (شطبت عبارة: بما في ذلك تجميد كل نشاطات المستوطنات، بما فيها النمو الطبيعي وتفكيك البؤر الاستيطانية المبنية منذ 2001»، بناءً على الإصرار الأميركي).
في المقابل شطبت عبارة (وإذ يقدر المجلس الجهود التي تم اتخاذها، يدعو مجلس الأمن السلطة الفلسطينية إلى الاضطلاع بمسؤولياتها في محاربة الإرهاب والسير حثيثاً في تحمل مسؤولياتها بإعادة بناء وإعادة التركيز على الجهاز الأمني. كما يرحب بنقل جهازها الأمني ومسؤولياتها من إسرائيل إلى السلطة الفلسطينية من أجل زيادة التعاون في ذاك المجال ومن أجل تسهيل وصول المساعدة الأمنية للسلطة الفلسطينية. ويشدد على الحاجة إلى قطع التمويل العام والخاص وكل أشكال الدعم للجماعات التي تدعم أو تشارك بالعنف والإرهاب.
ويدعو مجلس الأمن كل الدول والمنظمات الدولية إلى دعم حكومة فلسطينية (شطبت كلمة ديموقراطية) ملتزمة بمبادئ الرباعية وبمبادرة السلام العربية، وتحترم التزامات منظمة التحرير الفلسطينية. كذلك يشجع المجلس خطوات ملموسة باتجاه المصالحة الفلسطينية ـــــ الفلسطينية، بما في ذلك دعم جهود مصر على هذا الأساس.
ويدعم مجلس الأمن الدولي اقتراح روسيا الاتحادية بالتشاور مع الرباعية والأطراف لعقد اجتماع دولي بشأن عملية السلام في الشرق الأوسط في موسكو عام 2009».