باريس ـ بسّام الطيارةمرة جديدة يجد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، من يتهمه بارتكاب «غلطة سياسية» بغيابه عن احتفال اليوم الوطني بذكرى إلغاء العبودية، حيث مثلته وزيرة الداخلية ميشال إليو ماري، لوجوده في ألمانيا. ورغم أن مصدراً في الإليزيه قال «إن الرئيس لا يستطيع أن يكون في كل مكان»، إلا أن هذا الغياب أعاد إلى الذاكرة «خطاب داكار»، حيث بدا واضحاً أن ساركوزي يعارض مبدأ «الاعتراف بماض مؤلم» ويوبخ من يقف وراءه على أساس أنه نوع من «الندم».
وافتتح رئيس الوزراء السابق، عمدة بوردو، ألان جوبيه، متحف أكيتان المخصص لـ«التجارة المثلثة والاستعباد»، في وقت رأت فيه بعض الجمعيات الناشطة أن المتحف لا يكفي وتطالب بإنشاء نصب تذكاري عام يذكر الأجيال المقبلة بتاريخ العبودية وتجارة الرقيق.
وفي مجال آخر لحقوق الإنسان، أصدرت منظمة أنافيه (Anafe) المهتمة بشؤون المهاجرين والدفاع عن حقوقهم، تقريرها لسنة ٢٠٠٨، وصفت فيه منطقة احتجاز القادمين من دون تأشيرة في مطار رواسي بـالـ«لاإنسانية»، حيث يطغى «العنف البوليسي» على معاملة الوافدين. وشرحت المنظمة، التي تضم ٢٢ جمعية ناشطة تغطي معظم الأراضي الفرنسية، كيف تُفصل العائلات المنهكة القوى ويُدمج القاصرون مع الكبار بعيداً عن أهلهم، وهو ما وصفه التقرير بأنه «تعريض القاصرين المنفردين لخطر» بما يتعارض مع اتفاقية جنيف الدولية لحماية حقوق الأطفال.
واتهمت الجمعية الشرطة بإعادة القادمين من دون تأشيرات إلى بلادهم قبل عرضهم على قاض كما يحتمه القانون، كي يطلع على «ظروف وصولهم إلى الأراضي الفرنسية» وما إذا كانوا قد تعرّضوا لانتهاك حقوق. وشدد التقرير على أن «حق اللجوء في المطار هو بدعة خيالية»، إذ إن الشرطة «ترفض تسجيل طلب اللجوء»، الذي يفتح باب الحماية من قبل مكتب اللاجئين. وقد رفضت إدارة المطار الإجابة عن أسئلة الصحافيين.
ولا يبدو أن مصير من يتجاوز «حاجز المطار» أفضل من الباقين في منطقة الحظر، إذ جرت أمس في ديجون محاكمة الفرنسية جنيفير شاري (٢٣ سنة)، بتهمة «مساعدة مقيمين غير شرعيين»، وهي تهمة يمكن أن تصل عقوبتها إلى خمس سنوات سجن، وغرامة ٣٠ ألف يورو. وانطلقت شرارة الملاحقات حين تقدمت إلى السلطات الفرنسية بطلب الزواج بالمغربي محمد نعيم، فطُرد زوجها لغياب أوراق إقامة له، وادُّعي عليها بتهمة مساعدة خارجين عن القانون.
ويشار إلى أنه قد انطلقت منذ قرابة شهر حملة أطلق عليها اسم «كلنا مذنبون»، هدفها انتقاد تخلف القوانين عن اللحاق بتقدم المجتمع وانفتاحه، وللدلالة على ان القوانين التعسفية التي اشتدت صرامة في عهد ساركوزي، لا تعكس مواقف المواطن الفرنسي.