فيما تخوض بلاده حرباً «وجودية» ضروساً على الجبهة الشمالية الغربية، يتنقل آصف زرداري بين عواصم القرار لشحذ الدعم؛ وبعد واشنطن حط في باريسباريس ــ بسّام الطيارة
انتظر الصحافيون طويلاً في باحة قصر الإليزيه خروج الرئيس الباكستاني، آصف علي زرداري، الذي استقبله الرئيس نيكولا ساركوزي، لكنه لم يُمنّ عليهم سوى بتصريحات لم تتجاوز دقائق معدودة، وكانت على شكل إجابات مقتضبة وقصيرة. وشدّد زرداري على أن «الحرب طويلة» وأن الصراع الذي يخوضه جيشه يمكن أن يطول لأنها «حرب عصابات واسعة تتجاوز حدود إقليم سوات»، وهي حسب قوله «تشمل كل أقاليم باكستان».
وخرج زرداري من اجتماعه مبتسماً، وأعلن أن نظيره الفرنسي «وعده بمساعدات بقيمة ١٢ مليون يورو في مرحلة أولى» لمساعدة اللاجئين في وادي سوات بصورة عاجلة. وأوضح أنه توصل مع ساركوزي إلى تفاهم تام على مبدأ تعزيز التفاهم بين البلدين، مضيفاً أنه أحس وكأنه «كسب قلب ساركوزي».
وعن الجبهة المشتعلة في سوات، قال إن «ثمة قلقاً في كل مكان»، مضيفاً «لكننا نحظى بدعم العالم وثقته، وفي النهاية تنتصر الديموقراطية دائماً». ولم يُعطِ مهلة زمنية لهذه المعركة التي قال إنها «معركة ضدّ عقلية»، وأن الهجوم «ليس محدداً زمنياً».
من جهته، قال وزير الخارجية الباكستاني، شاه محمود قرشي، للصحافيين خلال عرضه نتائج المحادثات التي جرت بين الرئيسين في باريس، إن الرئيس الفرنسي عرض على نظيره الباكستاني مساعدة فرنسا في مجال التكنولوجيا النووية المدنية. وأضاف «وافقت فرنسا على نقل تكنولوجيا نووية مدنية لباكستان»، واصفاً الأمر بأنه «تطور مهم»، ومشيراً إلى أن «هناك اتفاقاً مبدئياً بين البلدين».
في المقابل، أشار مصدر في الإليزيه عقب الزيارة إلى أن الرئيس الفرنسي أكد دعمه للديموقراطية الباكستانية، وأعرب عن استعداد بلاده لتعزيز التعاون مع إسلام أباد في محاربة الإرهاب. ودعا بيان صادر عن الإليزيه باكستان إلى أن «تواصل جهودها ضد متطرفي طالبان وكل أشكال الإرهاب التي تهدد أراضيها وأراضي جيرانها». وأكد «ضرورة تعاون باكستان الوثيق مع الدول المجاورة» في مجال محاربة الإرهاب.
ولفت انتباه المراقبين قول الرئيس الباكستاني إن «الجيش معي والشعب معي»، فرأى البعض في هذا تأكيداً على أن «الأمر عكس ما يحاول زرداري قوله» حسب دبلوماسي متابع للملف قال إن «هذه الحرب تفرض خيارات مؤلمة» على شرائح واسعة من الشعب الباكستاني.
وأكد أحد أعضاء الوفد الباكستاني المرافق لـ«الأخبار» أن «الحكومة لا تستطيع تحمل أعباء ما تقوم به لأكثر من أشهر معدودة إذا لم يقدم المجتمع الدولي دعماً مكثفاً». وأشار إلى أنه مطلوب «من الغرب أن يقدم السلاح والأموال»، مشدّداً على أن دعم «الجبهة الخلفية يساوي دعم جبهة النار». ووصف الوضع بـ«الخطر جداً»، قبل أن يحذر من أنه إذا لم تصل المساعدات في الوقت المناسب «فإن موقع الرئيس مهدّد» من دون أن يشرح ما يعنيه في ذلك.
وفي ظل هذه الأجواء، ورغم إصرار أكثر من مرافق في الوفد على أن «الحديث عن الخوف من فقدان السلاح النووي هو مجرد نسيج مخيلات الصحافة»، فإن مخاطر وقوع السلاح النووي في يد جماعات متطرفة «هو الذي سيدفع بالغرب لمساعدة باكستان بكثافة» وهو ما جاء يطالب به زرداري، حسب أكثر من مصدر غربي.
ميدانياً، أعلن الجيش الباكستاني أنه قتل 55 عنصراً من «طالبان» وثلاثة جنود في الساعات الـ24 الأخيرة، في اليوم العشرين للهجوم الذي يشنه على وادي سوات ومحيطه في شمال غرب البلاد. ووفق الأرقام التي يعلنها الجيش، فإن عدد قتلى المسلحين تجاوز 940 طالبانياً، في مقابل 45 جندياً باكستانياً.
إلا أن الجيش لم يشر، مجدداً، إلى المدنيين الذين قتلوا خلال المعارك، سواء نتيجة غاراته أو في رد مقاتلي «طالبان»، في وقت تجاوز فيه عدد النازحين المليون، بحسب المنظمات الدولية التي حذرت من كارثة إنسانية.